الأموال عامة يحرم على المسلم أن يأخذ منها شيئاً بغير حق، ومن أخذ منها سمي غالاً، وقد صح في ذلك عدة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل الأحاديث قول الله تبارك وتعالى:{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[آل عمران:١٦١] يعني: من يأخذ شيئاً من بيت مال المسلمين يكلف يوم القيامة أن يأتي به، وأنّى له أن يأتي به وقد ذهبت الدنيا وانتهت، وليس هناك (ريالات) في الآخرة؟ إلا أن يأتي به من النار، والنار لا يخرج شيء منها.
وجاء أيضاً في الأحاديث:(أن صاحب الغدر أو الخيانة أو الغلول تمثل له غدرته أو خيانته في النار، يقال له: أتراها؟ فيقول: نعم.
فيقال: ائتِ بها من النار، فينزل من أجل أن يأتي بها لينجو، فإذا أخذها من وسط الناس -وهو يعذب طبعاً- وحملها، خرج بها، فإذا شارف على الخروج وقعت منه، فينزل وراءها ويبقى في عذاب هكذا ما يشاء الله) .
يقول عز وجل:((يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) [آل عمران:١٦١] ولكن من أن يأتي به؟ لا يأتي به إلا من النار، بمعنى: أنه سيرد النار، والعياذ بالله! ثم قال عز وجل:{ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}[آل عمران:١٦١] وأخرج البخاري في الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال:(كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم) فهذه الكلمة وردت بلفظين: ثِقَل ونَفل، فالثقل أي: المتاع الثقيل للنبي صلى الله عليه وسلم، والنفل أي: الشيء الزائد عن حاجة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان صلى الله عليه وسلم معه شيء من المتاع زائد عن حاجته، فكان يوكل أمره إلى بعض أصحابه رضي الله عنهم.
(كان على نفله أو ثقله -في إحدى الروايتين، وقيل: على غنيمته أي: قسمته مما حصل له- رجلٌ يقال له: كَركرة، -وورد بكسر الكاف: كِركِرة) وردت كلها، وذكرها البخاري في الصحيح، هذا الرجل مات، فلما مات قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(هو في النار) وهو خادم النبي صلى الله عليه وسلم، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا في متاعه عباءةً غلها، عباءة أي:(بشت) أو (كوت) ، غلها أي: أخذها قبل أن تقسم، فكانت سبباً لوروده في النار، والعياذ بالله.