نريد منك أن توجه نصيحةً لإخواننا الشباب الطيب الملتزم الذين هداهم الله وأكثر الله منهم ومن أمثالهم، ولكن يجب عليهم أن يتعرفوا على إخوانهم المسلمين في المساجد ويقوموا بزيارتهم، فإنني لاحظت في أكثر المساجد أن هناك عزلة وانفراداً بينهم وبين أهل المسجد، وينسون أن لهم إخوة آخرين يؤدون معهم الفرائض وهم أقرب الناس إلى الإيمان وكأنهم غرباء عنهم، حتى أنني أعرف واحداً منهم يدخل المسجد ويخرج ولا يسلم ولا يتكلم مع الناس، وديننا دين إخاء وتعارف، وحبذا لو تكون نصيحتك لهم وحثهم على ذلك بدءاً من هذا الدرس؛ لأن هذا يحز في قلوبنا كثيراً، ونغار على إخواننا الطيبين المؤمنين الذين يصلون في المساجد وبينهم وبين الطيبين الملتزمين عزلة؟
الجواب
هذه والله مشكلة -أيها الإخوة- يعني: بعض الشباب الطيب الذين هداهم الله يحاول دائماً أن يكون منكمشاً على الناس في المسجد، أنت لابد أن تكون في عزلة وفي اتصال، عزلة عن الباطل وفي اتصال مع الحق، وأهل الحق هم أهل المسجد، وهل في الدنيا أفضل من أهل المسجد؟! وإذا كان الله قد نوَّر بصيرتك وبدأت تنفتح على الدين وتقرأ وتنور بصيرتك، فلابد أن تربط علاقة طيبة مع الناس الذين معك في المسجد تبش لهم، ولو لاحظت عليهم بعض المعاصي؛ لأن بعض الناس إذا رأى إنساناً ثوبه طويل، قال: هذا ليس فيه خير، يا أخي! فيه خير ومن أهل الخير، لكن عنده نقص في هذا الجانب، هذا دورك أنك تصلح هذا الجانب، إذا رأيته يحلق لحيته فلا تهجره، أنت دورك دور الطبيب، سلِّم عليه وتحبب له، واعزمه وزره، واهد له كتاباً أو شريطاً، وحاول أن تدعوه، أما أن تتخذ منه موقفاً فلا يصلح، إذا أنت عاديت هؤلاء الذين هم من صفوة الناس فمن يصلحهم؟ لا يا إخواني! لابد من اتصال بالناس، ولابد من الصبر عليهم، ولابد من غض الطرف عما نلاحظ من السلبيات؛ لأننا لو بدأنا نفتح أعيننا على سلبيات الناس فقط وننسى حسناتهم لما اتبعنا أحداً، ولا استقطبنا عداوة الناس، لكن نقبل من الناس إحسانهم، ونغض الطرف عن مساوئهم لعل الله أن يتوب عليهم، وهم في وضع المريض، والمريض الذي فيه حياة نحن نفرح أن تزداد حياته ولا نفرح بأن نقضي على حياته التي هي معه ثم نخسره.
فهذه وصية لإخواني في الله الطيبين أن يتقربوا من إخوانهم في المساجد، ويحتكون بهم على نية الإصلاح والدعوة، لا على نية الإقرار وممارسة المعاصي معهم.