للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من سعة قصرك إلى ضيق قبرك.

يا عمر بن هبيرة، إن تتق الله يعصمك من يزيد بن عبد الملك، ولن يعصمك يزيد بن عبد الملك من الله تعالى.

يا عمر بن هبيرة، لا تأمن أن ينظر الله إليك على أقبح ما تعمل في طاعة يزيد بن عبد الملك، فيغلق به باب المغفرة دونك.

يا عمر بن هبيرة، لقد أدركت ناساً من صدر هذه الأمة، كانوا عن الدنيا وهى مقبلة عليهم أشد إدباراً من إقبالكم عليها وهى مدبرة عنكم.

يا عمر بن هبيرة، إنى أخوفك مقاماً خوفكه الله تعالى فقال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم: ١٤].

يا عمر بن هبيرة، إن تك مع الله في طاعته، كفاك يزيد بن عبد الملك، وإن تك مع يزيد بن عبد الملك على معاصى الله وكلك الله إليه.

فبكى عمر بن هبيرة وقام بعبرته.

فلما كان من الغد أرسل إليهما باذنهما وجوائزهما، وأكثر فيها للحسن، وكان في جائزة الشعبى بعض الإقتار، فخرج الشعبى إلى المسجد، فقال: أيها الناس، من استطاع منكم أن يؤثر الله تعالى على خلقه، فليفعل، فوالذى نفسى بيده، ما علم الحسن شيئاً منه فجهلته، ولكنى أردت وجه ابن هبيرة، فأقصانى الله منه.

...

ودخل محمد بن واسع رحمه الله على بلال بن أبى بردة في يوم حار وبلال في حبشة، وعنده الثلج، فقال له: يا أبا عبد الله، كيف ترى بيتنا هذا؟ قال: إن بيتك لطيب، والجنة أطيب منه، وذكر النار يلهى عنه. قال: ما تقول في القدر؟ قال: جيرانك أهل القبور، ففكر فيهم، فإن فيهم شغلاً عن القدر. قال: ادع الله لى. قال: وما نصنع بدعائى؟ وعلى بابك كذا وكذا يقولون: إنك ظلمتهم، يرفع دعاؤهم قبل دعائى، لا تظلم، ولا تحتاج لدعائى.

...

فهذا مختصر من أخبار من وعظ الأمراء، فمن أراد الزيادة، فلينظر في "المصباح المضيء".

<<  <   >  >>