للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتورث الحقد، وتخرج إلى تناول العرض.

الآفة الثالثة: التقعر في الكلام، وذلك يكون بالتشدق (١) وتكلف السجع.

وعن أبى ثعلبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أبغضكم إلى وأبعدكم منى يوم القيامة مساويكم أخلاقاً الثرثارون (٢) المتشدقون المتفيهقون (٣) ".

ولا يدخل في كراهة السجع والتصنع ألفاظ الخطيب، والتذكير من غير إفراط، ولا إغراب، لأن المقصود من ذلك تحريك القلوب، وتشويقها، ورشاقة اللفظ ونحو ذلك.

الآفة الرابعة: الفحش والسب والبذاء (٤)، ونحو ذلك، فإنه مذموم منهي عنه، ومصدره الخبث واللؤم.

وفى الحديث: "إياكم والفحش، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ". " الجنة حرام على كل فاحش" (٥).

وفى حديث آخر: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء".

واعلم: أن الفحش والبذاء هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة، وأكثر ما يكون ذلك في ألفاظ الجماع وما يتعلق به، فإن أهل الخير يتحاشون عن تلك العبارات ويكنون عنها.

ومن الآفات: الغناء وقد سبق فيه كلام في غير هذا الموضوع.

الآفة الخامسة: المزاح، أما اليسير منه، فلا ينهى عنه إذا كان صدقاً.

فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يمزح ولا يقول إلا حقاً، فإنه قال لرجل: "يا ذا الأذنين وقال لآخر: "إنا حاملوك على ولد الناقة وقال للعجوز: "إنه لا يدخل الجنة عجوز" ثم قرأ: {إنا أنشأناهن إنشاء* فجعلناهن أبكاراً} [الواقعة:


(١) وهو أن يلوى شدقه للتفصح.
(٢) الثرثرة: كثرة الكلام وترديده، يقال: ثرثر الرجل، فهو ثرثار مهذار.
(٣) قال الفراء: فلان يتفيهق في كلامه: وذلك إذا توسع فيه وتنطع، وأصله: الفهق، وهو الامتلاء، كأنه ملأ به فمه.
(٤) البذاء، بالمد: الفحش، وفلان يذىء اللسان من قوم أبذياء، والمرأة بذيئة.
(٥) أخرجه ابن أبي الدنيا وأبو نعيم في "الحلية" من حديث عبد الله بن عمرو، وإسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة.

<<  <   >  >>