للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمكروهة لأنها تشبه الكذب.

فمن المعاريض ما روينا عن عبد الله بن رواحة رضى الله عنه أنه أصاب جارية له، فعلمت امرأته، فأخذت شفرة، ثم أتت فوافقته قد قام عنها، فقالت: أفعلتها؟ فقال: ما فعلت شيئاً، قالت، لتقرأن القرآن أو لأبعجنك بها، فقال رضى الله عنه:

وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشق معروف من الفجر ساطع

يبيت يجافى جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالكافرين المضاجع

أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات أن ما قال واقع

قالت: آمنت بالله وكذبت بصري.

وكان النخعى إذا طلب قال للجارية: قولي لهم: اطلبوه في المسجد.

الآفة الثامنة: الغيبة، وقد ورد الكتاب العزيز بالنهى عنها، وشبه صاحبها بآكل الميتة. وفى الحديث: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام".

وعن أبى برزة الأسلمى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه: لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته".

وفى حديث آخر: "إياكم والغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا، وإن الرجل قد يزنى ويشرب، ثم يتوب ويتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر الله له حتى يغفر صاحبه" (١).

وقال على بن الحسين رضى الله عنهما: إياك والغيبة، فإنها إدام كلاب الناس والأحاديث والآثار في ذلك كثيرة مشهورة.

ومعنى الغيبة: أن تذكر أخاك الغائب بما يكره إذا بلغه، سواء كان نقصاً في


= مندوحة عن الكذب" ورجاله ثقات. وأخرج أيضاً (٨٨٤) من طريق أبي عثمان النهدي عن عمر قال: "أما في المعاريض ما يكفي المسلم من الكذب" والمعاريض والمعارض باثبات الياء وحذفها جمع معراض من التعريض بالقول، قال الجوهري: هو خلاف التصريح، وهو التورية بالشىء عن الشىء.
(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم الغيبة" وأبو الشيخ في "التوبيخ" عن جابر وأبي سعيد، وفي سنده عباد بن كثير وهو متروك.

<<  <   >  >>