فهذه أمهات الذنوب ومنابعها، ثم تتفجر الذنوب من هذه المنابع إلى الجوارح، فبعضها في القلب، كالفكر، والبدعة، والنفاق، وإضمار السوء، وبعضها في العين، وبعضها في السمع، وبعضها في اللسان، وبعضها في البطن والفرج، وبعضها في اليدين والرجلين، وبعضها على جميع البدن، ولا حاجة إلى تفاصيل ذلك فإنه واضح. ثم الذنوب تنقسم إلى ما يتعلق بحقوق الآدميين، وإلى ما بين العبد وبين ربه.
فما يتعلق بحقوق العباد، فالأمر فيه أغلظ، والذي بين العبد وبين ربه، فالعفو فيه أرجى وأقرب، إلا أن يكون شركاً والعياذ بالله، فذلك الذي لا يغفر.
وقد روى عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة: ديوان لا يعبأ الله به، وديوان لا يترك الله منه شيئاً، وديوان لا يغفره الله. فأما الديوان الذي لا يغفره الله تعالى، فالشرك. قال الله تعالى {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ}[المائدة: ٧٢]. وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً، فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين الله عز وجل، يغفر ذلك، ويتجاوز إن شاء. وأما الديوان الذي لا يترك منه شيئاً، فظلم العباد بعضهم بعض، فالقصاص لا محالة".
قسمة أخرى:
اعلم: أن الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر، وقد كثر الاختلاف فيها، واختلفت الأحاديث في عدد الكبائر.
والأحاديث الصحاح في ذكرها خمسة.
الأول: حديث أبى هريرة رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".