للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ جارُ اللهِ: "وتقول: أسرت حتى تدخلها؟ بالنصب، وأيهم سار حتى يدخل بالنصب والرفع".

قالَ المُشَرِّحُ: معنى الأَول (١): أسرتُ للدخولِ؟ أو أَسرت إلى وقتِ الدُّخولِ؟ ولا يجوزُ في هذا الوجهِ الرَّفْعُ، وذلك أن يدخل المرفوع بعد "حتى" (٢) حكمٌ منك على ثُبُوتِ الدُّخول، والحكمُ منك على ثبوتِ الدُّخول مبنيٌّ على علمك بالسَّيْرِ، وعلمُك بالسيرِ غيرُ متحققٍ ها هُنا بدليلِ أنك مستفهم عنه، فنزلت منزلةَ قولِكَ: ما سرتُ حتى أدخلها.

ولو قلتَ أيُّهم سارَ حتى يدخلها لجازَ فيها الوَجهان، لأنَّ سيره معلومٌ لكَ، وإنما السُّؤال ها هُنا عن السَّائِرِ، فإذا كان كذلك لم يكن في مثلِ قولك: أتقرضني فأشكرك؟ لأن الاستفهام ها هنا عن الاقراض.

وأمَّا النصب فلأن المعنى أسار أحدكم حتى يدخلها، وعلى الوجهين قرئ قوله تعالى (٣): {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} الرفعُ قراءةُ ابن كثيرٍ والنصبُ قراءة ابن عامرٍ وعاصمٍ (٤).

قالَ جارُ اللهِ: " (فصل): وقرئ قوله تعالى (٥): {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} بالنَّصب على إضمار ان، والرفع على الاشتراك بين {يُسْلِمُونَ} و {تُقَاتِلُونَهُمْ}، أو على الابتداء كأنه قيل: أو هم يُسلمون".

قالَ المُشَرِّحُ: إذا نَصَبْتَ فـ "أو" ها هنا بمعنى "إلى" و "إن" بعده


(١) شرح المفصل للأندلسي: ٣/ ٢١٣.
(٢) ساقط من (ب).
(٣) سورة البقرة: آية: ٢٤٥. وسورة الحديد: آية: ١١.
(٤) ينظر: السبعة لابن مجاهد: ١٨٥، والتيسير: ٨١، والبحر المحيط: ٢/ ٢٥٢، والدرُّ المصون: ٢/ ٥٠٩.
(٥) سورة الفتح: آية: ١٦.
وقراءة النصب تنسب إلى أبي، وزَيْد بن علي في معاني القرآن: ٣/ ٦٦، وإعراب القرآن للنحاس: ٣/ ١٩١، والبحر المحيط: ٨/ ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>