للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز أن تقول: لا تدن من الأسد يأكلْكَ بالجزم، لأن النفي لا يدل على الإِثبات".

قالَ المُشَرِّحُ: قولهم: "حق المضمر أن يكون من جنس المظهر" معناه: أن كلَّ نوعٍ من هذه الأنواع متى وقع مثبتًا أو منفيًا ثم أضمر فيه المجازاة وجبَ أن يكونَ الكلامُ بعد إضمار المجازاة فيه من جنس الكلام الأول قبلَ إضمارِ المجازاة إثباتًا ونفيًا، ألا ترى أنك إذا قلت: ائتني أكرمك فهو كلامٌ مثبتٌ، ثم إذا أضمرت فيه المُجازاة فقيل (١): معناه: [إن] (٢) تأتني أكرمك، كان قولك: تأتني أكرمك من جنس الكلام الأول إثباتًا، وإذا قيل لا تفعلن يكن خيرًا لك من جنس الكلام نفيًا. إذا عرفت هذا فوجه انسكابه بك إلى الغرض أن قولنا: لا تَدْنُ من الأسد يأكلْكَ إنما كان غير صحيح؛ لأن المعنى إن لم تدنُ من الأسدِ يأكلك، وهذا -بلا ارتياب- غير صحيح.

قالَ جارُ اللَّهِ: "ولذلك امتنع الإِضمار في النفي فلم يُقَل ما تأتينا تحدثنا ولكنَّك ترفع على القطع كأنك قلت: لا تدنُ منه فإنه يأكلك".

قالَ المُشَرِّحُ: لو قلتَ (٣): ما تأتنا تحدثنا بالجزم لم يجز لأنه يصير المعنى إن لم تأتنا تحدثنا، وهذا فاسد، ثم العلة في [امتناع] (٤) "إن" تقدر في النفي أن لا تفعل كما قدرت في النهي أنه انما يصح أن تقول أن لا تفعل مع من هم بفعل يفعله النهي [أبدًا] (٣) يكونُ عن فعلِ يكونُ المخاطبُ (٥) قد همَّ بأن يفعله أو ينزل منزلته من هم، ولا يتصور في النفي ذلك. فإن قلتَ لرجلٍ: ما تأتينا فإنَّك تحكم عليه بعدمِ الفعلِ منه فكيف تقول فإنك أن لا تَفعل؟


(١) بياض في نسخة (ب).
(٢) في (ب).
(٣) شرح المفصل للأندلسي: ٣/ ٢٢٥.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>