للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربعتها بمعنى وهو استغراق الزمان كله. هذه ألفاظ الإِمام عبد القاهر الجرجاني [-رحمه اللُه-].

قالَ جارُ اللهِ: "ولدخول النفي فيها على النفي جرت مجرى "كان" في كونها للإِيجاب، ومن ثم لم يجز: ما زال زيد إلا مقيمًا، وخطئ ذو الرمة في قوله (١):

* حَرَاجِيْجَ ما تَنْفَكُّ إِلَّا مُنَاخَةً *

قالَ المُشرِّحُ: هذه الأفعال نزلت منزلة "كان" في كونها للإِيجاب.

فإن سألتَ: لو جرت هذه الأفعال مجرى "كان" في كونها للإِيجاب لجاز أن يتقدم [خبر] ما انفك على ما انفك كما في سائر الأفعال الموجبة من الناقصة؟

أجبتُ: ابن كيسان يجيز: قائمًا ما زال زيدٌ، على أنا نقول عند تقديم خبر "ما انفك" لم يتقرر بعد كونه للإِيجاب بخلاف قوله:

* … ما تَنْفكُّ إلا مُنَاخَةً *

فإنه تقرر، ونظير هذه المسألة جاءني القوم ليس زيدًا ولا يكون عمرًا، "فليس" و"لا يكون" ها هنا وإن كان في الأصل للنفي إلا أنهما نُزلا منزلة حرف الاستثناء فلذلك لا يجوز أن يعطف عليهما بالواو، ولا يقال: ضربت القوم وليس زيدًا ولا عمرًا، وأكرمت القوم ولا يكون عمرًا ولا زيدًا، ومن ثم


(١) ديوان ذي الرمة: ٣/ ١٤١٩، من قصيدة أولها:
لقد جشأت نفسي عشية مشرق … ويوم لوى حُزوي فقلت لها صبرا
توجيه إعراب البيت وشرحه في إثبات المحصل: ١٥٢، والمنخل: ١٦١، وشرح المفصل لابن يعيش: ٧/ ١٠٦، وشرحه للأندلسي: ٤/ ٩٠. والبيت من شواهد الكتاب: ١/ ٤٢٨، والمحتسب: ١/ ٣٢٩، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ١٢٤ والانصاف: ١٥٦، والتبيين عن مذاهب النحويين: ٣٠٤، وخزانة الأدب: ٤/ ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>