للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي البُرْؤُ والأسقامُ والهَمُّ والمُنَى … وموتُ الهَوَى في القَلْبِ منّي المُبَرِّحُ

وكانَ الهَوَى النَّائِي يُمحي فَيمَّحي … وحبُّكِ عندقي يَسْتَجِدُّ ويَرْبَحُ

إذَا غَيَّر [النَّأْيُ] المُحِبِّيْنَ … ... … ... .... … البيت

فلمَّا [انتهى] ناداهُ ابنُ شُبْرُمَةَ [قال] أَراه قد يبرح؟ فشَنَقَ ناقته وجَعَلَ يتأخر [بها و] يفكر، ثم قال:

إذا غيَّر النأي المُحبين لم أَجِدْ … رَسِيْسَ الهَوَى من حبِّ مية يبرحُ

قال عَنْبَسَة: فلمَّا انصرفتُ حدَّثْتُ أبي فقالَ: أخطأَ ابنُ شُبْرمةَ حين أنكر على ذي الرمة [ما أنشده] (١) وأخطأ ذو الرمة حين غير شعره لقول ابن شُبرمة، إنما هذا كقوله تعالى: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} إنما هو لم يَرَهَا ولم يَكَدْ. والإِمام عبد القاهر الجُرجاني ذكر كلامًا لتقرير كلام أبي (٢) عَنْبَسَةَ فأنا أولًا [أنقلُ] (٣) كلامه ثم أُورد بعد ذلك ما عليه حقيقة هذه المسألة.

قال -رحمه الله-: اعلم (٤) أن سبب الشُّبهة في ذلك أنه قد جَرى في العُرف أن يُقال: ما كاد يفعلُ ولم يكد يفعلُ في فعل قد فعل على معنى أنه لم يفعل إلا بعد الجُهد وبعد أن كاد في الظَّن بعيدًا أن يفعله كقوله


(١) ساقط من (ب).
(٢) ساقط من (ب)، ومن الدلائل.
(٣) فىٍ (أ): "أورد".
(٤) النص في دلائل الأعجاز: ٢٧٤ وهو نقل أمين جدًّا ليس فيه اختلاف عن ما ورد في كتاب الدلائل بتحقيق شيخنا الأستاذ محمود شاكر. إلا ما يكون من اختلاف النسخ للكتاب الواحد.
ونقل الأندلسي في شرحه: ٤/ ١٠٦ نص كلام الجرجاني هذا ناسبًا النَّص إلى الخوارزمي. وعبارته هكذا: "قال الخوارزمي: واعلم أنه قد جرت العادة أن يقال … ولكن الأندلسي -رحمه الله- لما نقل نص كلام الخوارزمي بعد أن حذف بعض عباراته أو استبدلها بعبارات أخرى نقل قول الخوارزمي في آخر النص: فهذا كلام الجرجاني وفيه نظر … ".
والقارئُ لكلام العلَّامة الأندلسي يدرك أنه لم يجر ذكر للجُرجاني أصلًا في كلامه. كما أنه يظن أن قوله: "وفيه نظر" من كلام الأندلسي، وهي من كلام الخوارزمي والله -تعالى- أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>