للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى (١): {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} فلما كان مجيءُ النَّفي في "كاد" على هذا السبيل توهَّم ابن شبرمة أنه إذا قال:

* لَمْ يَكَدْ رَسِيْسُ الهَوَى مِنْ حُبِّ مَيَّةَ يَبْرَحُ *

[فقد] (٢) زعم أن الهوى بَرَحَ، ووقع لذي الرُّمة مثل هذا الظَنّ وليس الأمرُ كالذي ظناه، فإن الذي تَقتضيه اللَّفظة (٣)، إذا قيل لم يكد يفعل وما كاد يفعل أن يكون المراد أن الفعل لم يكن من أصله، ولا قارب أن يكون ولا ظنَّ أنه يكون وكيف بالشَّك في ذلك؟ وقد علمنا أن "كاد" موضوع يدل على شدَّة قُربِ الفعلِ من الوُقوع، وعلى أنه قد شارفَ الوجود، وإذا كان كذلك كان محالًا أن يوجب نفيه وجود الفعل، لأنه يؤدي إلى أن يوجب نفي مقاربة الفعل [الوجود] (٤) وجوده، وأن يكون قولك (٥): ما قارب أن يفعل مقتَضِيًا على البيت أنه قد فعل وإذ [قد] (٦) ثبت ذلك فمن سبيلك أن تنظر فمتى لم يكن المعنى على أنه قد [كانت] (٦) هناك صورة تقتضي أن لا يكون الفعل وحال يبعد معها أن يكون، ثم تغير الأمر كالذي تَرَاهُ في قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} فليس إلا أن تلزم الظاهر وتَجعل المعنى على أنَّك تَزْعُم (٧) أن الفِعل لم يُقارب أن يكونَ فضلًا عن أن يكون. فهذا كلامُ الإِمام عبد القاهر الجُرجاني. وفيه نظر.

والكلام فيه مبنيٌّ على أَصلين:


(١) سورة البقرة: آية: ٧١.
(٢) في (أ): "وزعم … " والمثبت عن الدلائل.
(٣) في الدلائل: "اللفظ".
(٤) عن الدلائل.
(٥) في (أ) و (ب): "قوله" والتصحيح من الدلائل.
(٦) في (ب) والدلائل.
(٧) في (أ): "تزعم على أن الفعل … "، والمثبت من الدلائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>