للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعما أنت، ونعما زيدٌ ونعما صَنَعْتَ؛ لأنَّها (١) بنيت مع "ما" لتدخل على ما لم يكن يَصِحُّ دخولها عليه كما ذلك في"رب" و"إنَّ" ونحوهما. أمَّا قوله (٢): {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا} فـ {أَنْ يَكْفُرُوا} رفع على ظاهر كلام سيبويه؛ لأن موضعه كموضع زيد في قولك: بئس رجلًا زيد و"ما" في معنى شيءٍ "واشتروا به" نعتٌ "ما"، وإليه ذهب في هذه الآية الزجاج (٣). وقال الفراء (٤) {أَنْ يَكْفُرُوا} يجوز أن تَكون في موضع خفضٍ برده على الهاء في "به" ويذهب إلى أن "ما" بمعنى "الذي" وهي موصولة بقوله و: {اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} و: {أَنْ يَكْفُرُوا} بَدَلٌ من الهاءِ فيصير أيضًا في صلة "ما" وبئسما في هذا الوجه تسمى مُنْكَفِئَة، لأنّ تقديرها بئس الذي اشتروا به أنفسهم، فالكلام تام وليس بمنزلة بئس الرجل، لأن الكلام لا يتم ثَمَّ حتى تقول: زيدٌ، ويتم بقولك: بئسما صنعت وبئسما اشتريت به نفسك، وقالَ أيضًا: وتقديره عند الكسائي بئس شيئًا شيءٌ صنعت، على أنه أضمر "ما" أخرى، لأن بعدها فعل فإن كان بعدها اسم فهو بمنزلة زيدٌ نعم الرَّجُلُ، وذلك قولك: نعما صَنِيْعُكَ، ومثله من كلامِ العرب: "بئسما تزويج بغيرِ مهرٍ" (٥).

قال جار الله: " (فصلٌ) وفي ارتفاع المخصوص بالمدح مذهبان:

أحدهما: أن يكون مبتدأ خبرُهُ ما تقدم من الجملة كأن الأصل: زيدٌ نعم الرجل.


(١) في (ب): "كأنها".
(٢) سورة البقرة: آية: ٩٠.
(٣) معاني القرآن وإعرابه: ١/ ١٤٦، ١٤٧.
(٤) معاني القرآن: ١/ ٥٦ - ٥٨ في معانيه دون ألفاظه فلعل ذلك راجع إلى اختلاف الروايات في كتاب المعاني للفراء. والله أعلم.
(٥) يراجع معاني القرآن للفراء: ١/ ٥٨، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج: ١/ ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>