للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكوفيون (١): ربَّه رجلًا رأيت، وربهما رجلين، وربهم رجالا، وربهن نساء فمن وحد قال: إنه كناية عن مجهول، ومن لم يُوحد قال: إنه ردُّ كلامٍ كأنّه قيل له: ما لك جوار؟ فقال: ربَّهن جوار قد ملكتُ. والثالثة: أن تصلها بـ "ما" على ما يساق إليك.

قال جارُ اللهِ: "ومنها الفعل الذي تُسلطه على الاسم يجب تأخره عنها".

قالَ المُشَرِّحُ: كان من (٢) حق "رُبَّ" أن تكون بعد الفعل موصلًا له كأخواته إلى المجرور، إذا قلت ما مررت برجل، وذهبت إلى غلام، ولكن لما كان معناه التقليل وكان لا يعمل إلا في نكرة صار مقابلًا لـ "كم" إذا كانت خبرًا، فجعل له صدر الكلام كما جعل لـ "كم"، ولأن معناها التَّقليل كالنفي والنفي كالاستفهام له صدرُ الكلام، وهذا لأن الاستفهام ينقل الجملة الخبرية عن الخبر إلى الاستفهام، فكذلك النَّفي ينقل الجملة الإِبتدائية عن الإِثبات إلى النَّفي، ويشهد لكون التقليل بمنزلة النفي قولهم: كل ما يقول ذلك إلا زيد، والمعنى: لا يقول ذلك إلا زيد.

قال جارُ اللهِ: "وأنه يجيء محذوفًا في الأكثر كما حذف مع الباء في اسم اللهِ، وقال الأعشى (٣):

رُبَّ رِفدٍ هَرَقْتُهُ ذلِكَ اليَوْ … مَ وأَسْرَى مِنْ مَعْشَرٍ أَقْيَالِ


(١) المسألة في أصول ابن السَّراج (١/ ٤٢٢)، والتَّسهيل (ص ٥٢)، ارتشاف الضرب (٢/ ٤٦٣)، وهي من المسائل التي استدركها ابنُ إيَاز البَغْدَادِيُّ على الإِنصاف لابن الأنباري.
(٢) نقل الأندلسي في شرحه (٣/ ١٧٠) شرح هذه الفقرة.
(٣) ديوان الأعشى (ص ١٣) ونسبه العيني في شرح الشواهد (٣/ ٢٥١) إلى أعشى هَمْدان.
توجيه إعراب البيت وشرحه في إثبات المحصل (ص ١٦٤)، المنخل (ص ١٦٨) شرح المفصل لابن يعيش (٨/ ٢٨)، شرحه للأندلسي (٣/ ١٧٠).
وينظر: مجاز القرآن (١/ ٢٩٩)، الإِيضاح (ص ٢٥٢)، إيضاح شواهد الإِيضاح (ص ٢٨٤)، شرح الشواهد للعيني (٣/ ٢٥١)، الخزانة (٤/ ١٧٦). ويروى: "أقتال".

<<  <  ج: ص:  >  >>