للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجر، لأن حرف الجر عندك بمنزلة جزءٍ من الفعلِ و"رُبَّ" حرف جر، ألا ترى أنك لا تقول: بربَّ رجلٍ مررتُ، كما تقول بكم رجل مررت؟.

أجبت: مقابلتها لـ "كَمْ" هي التي أجرتها مجرى الأسماء من وجه، ومن ثَمَّ قال الشَّيخُ -رحمه الله-: وقد تستعملها العربُ في معنى نقيضتها وهي "كم" التي للتكثير، وأنشدوا في ذلك بيت الحماسة (١):

فإن تُمْسِ مَهْجُورَ الفَنَاءِ فَرُبَّمَا … أقَامَ بِهَا بَعْدَ الوُفُودِ وُفُوْدُ

ونظيرتها في ذلك "قد" فإنها للتقليل إذا دخلت على المضارع ثم انقلبت إلى معنى التكثير في نحو قول زهير (٢):

أَخُو ثِقَةٍ لا تُهْلِكُ الخَمْرُ مالَهُ … وَلكنَّهُ قَدْ يُهْلِكُ المَالَ نائِلُهْ

بخلاف سائر الحروف الجارة. وإذا قيل لك: ما أحسنت؟ فقل: رب إحسانٍ تقدم منّي إليك. فقد قال ابنُ السّراجِ (٣): كأنَّك قلت: قد فعلت من إحسان إليك من تقدم.

قال جارُ اللهِ: "وتُكَفُّ بـ "ما" فتدخل حينئذٍ على الاسم والفعل كقوله: ربما قام زيد، وربما زيد في الدار قال أبو دُؤادٍ:

رُبَّمَا الجَامِلُ المُؤَبِّلُ فِيْهُمُ … وعَنَاجِيْجُ بَيْنَهُنَّ المَهَارُ"

قال المُشَرِّحُ: [ابنُ السَرَّاجِ] (٤): ولما كانت "رُبَّ" تأتي لما مضى فكذلك رُبّما لما وقع بعدها الفعل كان حقه أن يكون ماضيًا فإذا رأيتَ الفعلَ


(١) البيت في الحماسة (ص ٢٢٦) برواية الجواليقي لأبي العطاء السندي وينظر: شرح الحماسة للمرزوقي (ص ٨٠٠)، أمالي القالي (١/ ٢٧٧)، خزانة الأدب (٤/ ١٦٧).
(٢) شرح ديوان زهير (ص ١٤١).
(٣) الأصول (١/ ٤١٧).
(٤) ساقط من (أ) ونص ابن السراج في الأصول (١/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>