للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَجرور بالكاف أن تُطَّرح عنه الكاف فيكون تَشبيهًا على سبيل المُبالغة، ولذلك دخل على المَرفوع في قولهم: ما أَنا كأنتَ، وذلك لا يَتَأَتَّى فيما إذا دخل على المُضمر. قالَ العَجَّاجُ (١):

نحى الذنابات شمالًا كَثَبَا … وأُمَّ أوعالٍ كَهَا أوْ أَقْرَبَا

ذَاتَ اليَمِيْنِ غَيرَ أن تَنَكَّبَا

الذَّنَابَاتِ (٢): موضعٌ بعينه. وأمَّ أوعالٍ: هَضْبَةٌ، والكَثِب: هو القريب تنكب: تجوّز، وفي نحّى: ضميرٌ يعود إلى حمارٍ وحشيٍّ، ومعنى: "نحى الذنابات" أنه مضى في عدوه ناحية من الذَّنابات، فكأنه تجاهل عن طريقه، وأم أوعال من عن شماله بالقرب من الموضع الذي عدا فيه. كها: أي كالذنابات أو أقرب إليه منها، يقول: والهضبة التي هي أم أوعال عن يمينه مثل الذنابات عن شماله. "غير أن تنكبا" يريد: هما عن يمينه وشماله ومقدار ما بين كل من الموضعين وبين طريقه واحد إلا أن يجود في عدوه فتصير الذنابات إن مال إليها في العدو أقرب من أم أوعال، وأن مال في العدو إلى أم أوعال صارت أقرب إليه من الذنابات. وأم أوعال رفع بالابتداء وكها خبرها. ومحفُوظي وأمَّ أَوْعَالٍ بالنَّصب.

قالَ جارُ اللهِ: " (فصلٌ): ومذ ومنذ لابتداء الغاية في الزمان كقولك: ما أريت مذ يوم الجمعة يوم السبت، وكونهما اسمين ذكر في الأسماء المبنية".


(١) ديوان العجاج.
توجيه إعراب البيت وشرحه في: إثبات المحصل، المنخل (ص ١٧٠)، شرح المفصل لابن يعيش (٨/ ١٦، ٤٤)، شرحه للأندلسي.
وينظر: الكتاب (١/ ٣٩٢)، شرح أبياته لابن السيرافي (٢/ ٩٦)، الأصول (٢/ ١٠٢)، ضرائر الشعر (ص ٣٠٨)، شرح شواهد الشافية (٤/ ٣٤٥)، الخزانة (٤/ ٢٧٧).
(٢) الشرح كله بألفاظه عن شرح أبيات سيبويه لابن السيرافي (٢/ ٩٦)، ولم يزد عليه إلا قوله: "ومحفوظي … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>