للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى (١): {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ} لأن "ها" الأولى لو كانت منويًا بها التأخير لم تعد في أولاء وهذه حجَّةُ سيبويه، لأنه قال (٢): وقد تكون "ها" غير مقدمة على ذا أي: هي في موضعها. قال أبو سَعِيدٍ السِّيْرَافِيُّ: ها في هذه الحروف للتنبيه، والأسماء بعدها مبتدآت، والخبر أسماء الإِشارة "ذا" ونحوه، وإن شئت جعلت أنت ونحوه الخبر والإِشارة هي الاسم وقال أيضًا: إنما يقول القائل ها أنا ذا طلب رجل لم يدر أحاضرٌ هو أم غائبٌ فيقول المطلوب ها أَنا ذَا.

ابنُ الأَنْبَارِي (٣): إنما جَعَلُوا المكني بين "ها" و"ذا"، إذا أرادُوا القريبَ في الأخبار بمعنى ها أنا ذا ألقى فلانا، قد قرب لقائي إياه، وذكر أيضا (٤) أن قول العامة هو ذا لقي فلانًا خطأ عند جميع العلماء، لأن العرب إذا أرادت هذا المعنى قالوا: ها هو يلقى فلانا، وها أنا ذا ألقى فلانا وأنشد قول أمية (٥):

لَبَّيْكُما لبَيْكُمَا ها أَنَا ذا لَدَيْكُما

قال عليُّ بن عِيْسى: إنَّما كثُر التنبيه في "ذا" ونحوه ولم يكثر في "أنت" ونحوه، لأن "ذا" مبهمة من حيث تصلح لكل حاضر، والمعنى على واحد بعينه فقوي بالتنبيه لتحريك النفي على طلبه بعينه إذا لم يكن علامة تعريف في لفظه، وليس كذلك "أنت"، لأنه للخاطب خاصة، وقال أيضا:


(١) سورة آل عمران: آية ٦٦.
(٢) الكتاب (١/ ٣٧٩).
(٣) الزاهر (٢/ ٢٧٩) وعبارته: " … إذا قرَّبوا الخبر فتأويل قول القائل: "ها أنا ذا ألقى فلانا" قد قرب لقائي إياه".
(٤) عبارة ابن الأنباري في الزاهر: "قال أبو بكر: قال السجستاني بعضُ أهلِ الحِجاز يقولون: هوَ ذَا بفتح الواو. وهذا خطأ منه لأن العلماء الموثوق بعلمهم اتفقوا على أن هذا من تحريف العامة وخطئها، والعَربُ إذا أرادت معنى (هوذا) قالوا: ما أنا ذا ألقى فلانًا".
(٥) ديوانه (ص ٢٦٥) (شعر أمية).

<<  <  ج: ص:  >  >>