للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنَّ العربَ إذا أدخلت هذه اللَّام على حرفِ الشَّرط آثروا الماضي على المُستقبل إشفاقًا على الإِتيان بمستقبلٍ [غيرِ] (١) مجزوم لأنَّه يبطل منهاج القسم. ومن العرب من يجيء بمستقبل ويجزمه بـ "إنّ" بعدَ دُخول اللَّام عليه تغليبًا للأصل المعروف لها ولا يَلتفت إلى ما حدث من معنى اليَمين. فتقول: إن تزرني لأزورَنَّك، وإن تزرني أزرك، وعلى الأول فصحاء العرب، وبه نزل الكتاب {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ .. وَلَئِنْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ} (٢).

قال جارُ اللَّهِ: " (فصلٌ) ولامُ جواب "لو" و"لولا" نحو قوله (٣): ({لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}. وقوله (٤): {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ} ودخولها لتأكيدِ ارتباطِ إحدى الجُملتين بالأُخرى".

قال المُشَرِّحُ: إنما دَخَلَتْ اللَّامُ في جوابِ "لَوْ" دونَ جَوَابِ "إن" لأنَّها غيرُ عاملةٍ بمنزلةِ "قَدْ" فَدَخَلَتْ توكيدًا لربطها فقط وأما "إن" فعاملة في الشّرط والجواب فدل انجزامه على ارتباطه بما قبله.

قال جارُ اللَّه: "ويجوز حذفُها كقوله تَعالى (٥): {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} ويجوزُ حذفُ الجوابِ أصلًا كقولك: لو كان لي مالٌ وتسكت أي: لأَنفقتُ وفعلتُ [وفَعَلْتُ] (٦)، ومنه قوله تعالى (٧): {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} وقوله (٨): {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} ".


(١) عن شرح الأندلسي.
(٢) سورة الحشر: آية ١٢.
(٣) سورة الأنبياء: آية ٢٢.
(٤) سورة النساء: آية ٨٣.
(٥) سورة الواقعة: آية ٧٠.
(٦) ساقط من (أ).
(٧) سورة الرعد: آية ٣١.
(٨) سورة هود: آية: ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>