للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَمرُ والنَّهيُ، لأن الحاجة تشتد إلى توكيدهما، والاستفهام مشبهٌ بالأمر، لأنَّ معناه: أخبرني. العرض بمنزلة الأمر ألا تَرى أنَّ قولَكَ: [أَلَا تنزلن] (١) معناه: انزل، وكذلك [يقوم مقام الأمر والنهي و] التمني، لأن ليتلك تخرجن بمنزلة اخرج.

قال جارُ الله: " (فصلٌ) ولا يؤكد بها الماضي، ولا الحال ولا ما ليس فيه معنى الطَّلب".

قال المُشَرِّحُ: إنما (٢) لم يؤكد بها الماضي ولا الحال لاستحالة الطلب فيها.

قالَ جارُ الله: "وأما قولهم في الجزاء المؤكد حرفه بـ "بما" إما تفعلن قالَ الله تَعالى (٣): {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} وقال (٤): {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} فلتشبيه "ما" بلام القسم في كونها مؤكدةً، وكذلك قولهم: حيثما تَكوننَّ آتك".

قالَ المُشَرِّحُ: "ما" في قولهم: إما تفعلن لتأكيد معنى المجازاة، كأنه يفيد زيادة عموم، ومزيّة تقرير اعتَبِرْهُ بـ "حيث" و"حيثما" و"أين" و"أينما" فقولك: إمّا تفعلن معناه: إن اتَّفق منك وجود الفعل بوجهٍ من الوُجوه فـ "ما" في المجازاة بمنزلة اللَّامِ في القَسَمِ، وما ها هنا هي المُسلطة، لأنَّها سلطن حرف الجزاء على استجابة نون التوكيد.

قال جارُ اللهِ: "وبجهدٍ ما تَبْلغن، وبعينٍ ما أرينَّك".

قال المُشَرِّحُ: بجهد مَّا تبلغن: كأن معناه: ليكونن بلوغك بجهد بعين


(١) في (أ): "انزلن".
(٢) نقل الأندلسي في شرحه ٤/ ٢٩٣ شرح هذه الفقرة.
(٣) سورة مريم: آية ٢٦.
(٤) سورة الزخرف: آية ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>