للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أرينّك وقد مضى في هذا القسم تفسيره.

قال جارُ الله: "فإن دخلت في الجزاء بغير ما ففي الشعر تشبيهًا للجزاء بالنَّهي".

قال المُشَرِّحُ: هذا كقولك: إن تزرني أَزُرْكَ، إنما جارُ دخول النُّون فيه تشبيهًا للجزاء بالنّهي حيث كانا مجزومين غير واجبين، لأنهما يشتركان في معنى الشَكّ.

قال جارُ الله: "ومن التَّشبيه بالنَّهي دخولها في النفي وفيما يقاربه من قولهم: رُبّما يقولَنّ ذاك، وكثر (١) ما يقولن ذاك. قال [عمر بن هند] (٢):

رُبَّما أَوْفَيْتُ في عَلَمٍ … يَرْفَعَنْ ثَوبي شَمَالَاتُ"

قال المُشَرِّحُ: النَّفي (٣) يشابه النَّهي، ومن ثم يتساوى الكلام المنفي، والكلام المنهي في كونه غير موجب قلّ، قد أجري مجرى المنفي لأنَّ أقربَ شيءٍ إلى المَنفى القَليل، كما أن أَبعد شيءٍ منه الكثير. قال أبو العَبَّاس (٤):


(١) في (أ): "وكثير".
(٢) عن المفصل (خ) وشرح ابن يعيش والأندلسي وغيرهما.
(٣) قال الأندلسي في شرحه ٤/ ٢٩٤: "قد ألحق ابن جني النفي بهذا الضرب، قال سيبويه: ويلحقها بعد لم، لأنها لما كانت جازمة أشبهت لا الناهية، وهذا لا يجوز إلا في اضطرار، وقد أعاد ابن جني هذا الحكم في "شرح الإِيضاح" فقال: وتدخل النون في النفي كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}، فجعل: {لَا تُصِيبَنَّ} نفيًا وغيره يجعله نهيًا، لأنه بعد الأمر كقوله تعالى: {ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} وقال في "الخصائص" مثال دخول التنوين في النفي قولك: قلما يقولن ذلك زيد، وقالوا: أقسمت لما تفعلن، لأنها طلب كالأمر والنهي، وقال أبو علي: نون التوكيد لا تدخل على النفي ثم اعترض بقول الشاعر:
قليلًا به ما يحمدنك وارث … إذا نال مما كنت تجمع مغنما
فأجاب: بأن النون إنما دخلت هنا حملًا على المعنى".
(٤) في (أ) أبو سعيد، والصواب ما أثبته من نسخة (ب)، وفي نص الأندلسي في شرحه ٤/ ٢٩٤ المنقول عن الخوارزمي "قال المبرد" والمبرد هو أبو العباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>