للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المشرحُ: أولًا أشرحُ هذا البيتَ ثمَّ أعودُ إلى كلامِ الشيخِ فأقولُ: نبّأتُ: مما يجري مَجرى أَعلمتُ لموافقتِهِ له في معناه فيتعدى إلى ثلاثةِ مفعولين، فإما بُني الفعلُ للمفعولِ ها هنا أقيمَ المفعول الأولُ مقامَ الفاعلِ وهو تاء الضَّمير، "وأخوالي" هو المفعولُ الثَّاني، و"بَنى يَزيد" منصوبٌ على أنّه عَطفُ بيانٍ لأخوالي، و"ظُلمًا" منصوبٌ على أَنه المنصوبُ بمعنى اللّام، والفديدُ: هو الصِّياحُ، وقد فدَّ يفِدُّ فديدًا، ورجلٌ فدّادٌ وفي الحديث (١): (إنَّ الجفاءَ والقسوَةَ في الفدَّادين) وهم الذين تَعلو في حُروثِهم ومواشِيهِم أصواتُهم. يريدُ يصيحون لظلمِهِم علينا، ويحتملُ (٢) أن يكونَ انتصابُه على التَّمييز، يريد أنهم يصيحون ظلمًا لا عدلًا وإنصافًا. وهذه الجملةُ أعني (ظلمًا علينا لهم فديدُ) في محلّ النَّصبِ على أنَّه المفعولُ الثالثُ لنُبِئّتُ.


(١) في صحيح البخاري: (المغازي: ٧٤، وصحيح مسلم: (الإيمان): ٨١، ومسند الإمام أحمد: ٢/ ٢٥٨. مع اختلاف لفظ الحديث إلّا أنّ كلمة: (الفدادين) موجودة في الحديث مع اختلاف لفظه.
و (الفدّادين) يروى مشددًا ومخففًا انظر الفائق: ٣/ ٩٣، والنهاية: ٣/ ٤١٩.
(٢) قال ابن المستوفي في إثبات المحصّل: ورقة: ٥، ٦: وقال صدر الأفاضل أبو محمد القاسم بن الحسين بن أحمد الخوارزمي فيما أجاز لي وذكر التأويل له، وقال: ويحتمل أن يكون انتصابه على التمييز … قال ابن المستوفى: والمفعول الثالث إنما هو قوله: "لهم فديد" لا غير.
ومما يتعلق بقوله "يزيد" قال ابن المستوفي: قال أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري فيما كتب إلي: تزيد بالتاء في البيت بنقطتين من فوق … ويوجد في كثير من النسخ بالياء وهو خطأ ليس بشيء. قلت: لا حجة لأبي البقاء في الرد على رواية بيت المفصّل بالياء المنقوطة من تحت بنقطتين ..
أما تزيد في بيت أبي ذؤيب … كسيت برود بني تزيد الأذرع
فهو على ما رواه أبو عمر تزيد بن حلوان بن عمران بن الحارث بن قضاعة، وكان قومه حاكة، فأضيف البرود إليهم فقيل البرود التزيدية. قال علقمة بن عبده [ديوانه: ٥١]
ردا الإماء جمال الحي فاحتملوا … فكلّها بالتّزيديّات معكوم
… وأطال ابن المستوفي في تحقيق ذلك.
وقال الأندلسي في شرحه: ١/ ٢٠ بعد ما أورد نصّ العكبري المتقدم والمشهور خلاف ذلك، وما روى إلّا بالياء، ولعل هذا البيت هو الذي غرّه. يعني بيت أبي ذؤيب. ومثل العكبري فعل ابن الحاجب في شرحه: ورقة: ٢٥ ووافقها ابن هطيل في التاج المكلل: ١/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>