للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا شَرحُ البَيتِ. عُدنا إلى كلامِ الشيخِ: اعلم أنهم قد تورطوا في هذا البيت في شيء، وذلك أنّ الأسماء المعربة أمَّا منصرفةٌ وإمَّا غيرُ منصرفةٍ. ويزِيدُ في البيت معربٌ فلا يخلو من أن يكونَ منصرفًا، أو غيرَ منصرفٍ، فإن كانَ منصرفًا فالوجهُ أن يَنجَرَّ، وإن كانَ غير منصرفٍ، فالوجهُ أن ينفتحَ، فما هذا الرّفع؟

خرَّجوا فقالوا: هذا العلمُ منقولٌ، والعلمُ كما يكونُ منقولًا عن المفردِ، يكونُ منقولًا عن الجملة، والجملةُ كما تكونُ فعلًا فاعله مظهرٌ، تقعُ أيضًا فعلًا فاعلُه مضمرٌ مستكنٌ، فهذا العلَمُ منقولٌ عن جملةٍ فعلُ فاعِلها مضمرٌ مستكنٌّ، والجملةُ إذا وَقَعِت موقعَ المفردِ لم يظهر فيها إعرابُ المفردِ كقولك: رأيتُ رجلًا أعجبَني كَرمُه [فأعجبني كرمُه] (١) جملةٌ وَقَعَت (٢) في محلِّ النَّصب لأنَّها صفةُ (رجلًا) ولا يظهرُ فيها إعرابُ الوصفيّة، وكذلك مررت برجلٍ أعجبني كرمُه، جملةٌ في محلِّ الجَرِّ على أنَّها صفةُ رَجُلٍ، ولا يظهَرُ فيها إعرابُ الجَرِّ، كذلك ها هُنا، ألا تَرى أنّه لو كانَ (٣) في الفاعلِ ضميرٌ بارزٌ ثم وَقَعَت موقعَ المجرُورِ لما ظَهَرَ فيه إعرابُ المجرورِ، فكذلك في (يَزيدُ) في البيتِ. وهذا الكلامُ عليه اعتراضٌ أذكره، ثم أذكُر الوجهَ الذي يصلُح للمذهب، فأقولُ: الشيءُ إذا كانَ بمنزلةِ الجملةِ ثم أوقعناهُ موقعَ المفردِ ثم أردنا أنَ يظهرَ فيه إعرابُ المفردِ، والجزءُ الأوّلُ منه قابلٌ للإِعراب، فإنّا نظهِرُ الإِعراب في الجزءِ الأولِ منه. بيانُه أنا إذا قُلنا: مررتُ برجلٍ ضَاربٍ أبوه، فإنَّه يجوزُ، ثُمَّ قولنا: ضاربٌ أبوه بمنزلةِ الجملةِ، لأنَّه بمنزلةِ الفعلِ والفاعلِ، وقد أوقعناه موقعَ المفردِ، لأنَّا جعلناه صفةً لرجلٍ فإذا أَردنا أنَ يظهرَ فيه إعرابُ المفردِ أعربنا الجزءَ الأوَّلَ منه وهو ضاربٌ. و (يزيدُ) علمٌ منقولٌ عن جملةٍ، بمنزلةِ الجملةِ، لأنَّه جملةٌ من حيثُ الصورةِ، غيرُ جملةٍ من حيثُ المعنى، والجزءُ الأولُ منه قابلٌ للإِعراب فوجَب أن يعربَ، فهذا


(١) في (ب).
(٢) في (أ).
(٣) في (ب) لو كان فيه في الفاعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>