للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألف المنقلبة عن الواو، قالَ الإِمامُ عبد القاهر الجُرجاني: الأصلُ (١) هناوٌ فَعَالٌ من هنوت. أمّا أنها ليست أصلًا؛ فلأنها إذا قلبت: شددت كالفهة فهي من باب سلس أجدر [بالقله] (٢). وأما أنها بدل عن الألف المُنقلبة عن الواو لا عن الواو؛ فلأنَّها بمنزلة الكِسَاءِ، والهمزة في كساءٍ بدل عن الألف المُنقلبة عن الواو فكذلك ها هُنا. وتحقيق هذا الكلام قد مضى في هذا القسم.

فإن سألتَ: كيف (٣) لم تُقلب الألف ها هُنا كما في كساءٍ ورداءٍ [همزةً]؟

أجبتُ لئلا يُظن أنه فعال من التَّهنئة، وفيه مذهبان آخران:

أحدهما: أن الهاء بدل من الواو.

والثاني: أن الهاء للوقف، والأصل هنا، إلا أنه أجرى الوصل مجرى الوقف، وكلاهما مخالف للقياس من وجهين:

أما الأول: فلأن القياس في حرفِ العلةِ الواقِع طرفًا أن يَنقلب ألفًا لفتحة ما قبلَ الألفِ، إلا أن سكونَ الألفِ يَمنع من انقلابه.

وأمَّا الثَّاني: فلأنَّ إجراء الوصل مجرى الوقف على مخالفةِ الدليل.

قالَ جارُ اللهِ: "ومن الياء في هذه أمة الله، ومن التاء في طلحة وحمزة في الوقف. وحكى قُطرب (٤) أن في لغة طيئ كيف البنون والبناه، وكيف الإِخوة والأخواه".

قالَ المُشَرِّحُ: لأنَّ الوصلَ مما تَجري (٥) فيه الأشياء على أصولها، وأن


(١) في (ب): "أن الأصل".
(٢) في (أ): "بالقلب" وما أثبته يؤيده نص الأندلسي.
(٣) في (ب): "فكيف" وفي شرح الأندلسي: "فإن قلت لم لم تقلب … ".
(٤) حكاية قطرب في سرّ الصناعة ص ٥٦٣ … وغيره.
(٥) نقل الأندلسي في شرحه ٥/ ١٧٩ شرح هذه الفقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>