للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"حمارُ قَبّان" (١) دويبةٌ وقبَّان فعلان من قبَّ لأنَّ العربَ لا تصرفُه، وهو عندَهم معرفةٌ وقيلَ هو منصرفٌ، لأنَّه فعّالٌ من قبن في الأرض أي ذَهَبَ، ونظيرُ هذه المسألة في الوجهين حسَّان: إن أخذتَه من الحِسّ فهو غيرُ منصرفٍ، وإن أخذتَه من الحُسن فهو منصرفٌ، وكذلك حبَّان: أن أَخذتَهُ من الحَيّ فهو غيرُ منصرفٍ، وإن أَخذتَهُ من الحَينِ فهو منصرف.

قالَ جارُ الله: "وقد صَنَعوا في ذلك نحوَ صنيعهم في تسميةِ الأناسي فوضَعُوا للجنسِ اسمًا وكنيةً فقالوا للأسَدِ أسامةَ، وأَبو الحرث، وللثعلبِ ثعالةَ وأبو الحصين وللضبعِ حَضاجرَ وأمّ عامرٍ، وللعقربِ شَبوةَ وأمَّ عريطٍ، ومنها ما له اسمٌ ولا كنيةَ له كقولهم قُثَم للضَّبُعان. وما له كنية ولا اسم له كأبي بَراقش، وأبي صبرة، وأُمِّ رباح، وأمِّ عجَلان.

قالَ المُشَرحُ: كُنّيَ الأسد بأبي الحَرثِ لِحَرثِهِ وهو كَسبُه. وللثعلب بأبي الحصين لتحصُّنِه بغدرِه، وسُمِّيت الضَّبعُ بحَضاجِر لعِظَمِ بَطنِها، يقالُ وَطبٌ (٢) حضجرٌ ووطبٌ حُضاجرُ، وهي لا تنصرفُ نكرةً كما لا تنصرفُ معرفةً، لأنَّ امتناعَ صَرفِها لما فيها من صِيغة الجمعِ الأقصى.

كُنّيَت بأمّ عامرٍ تفاؤلًا لأنَّه أَفسدُ (٣) حيَوانٍ، كما قيل للَديغِ الحيَّةِ سَليمٌ.

"شَبَوةُ" من شَبا السّيفِ وهو حدُّه، و"عِريطُ" مرتجلٌ ولعلَّ اشتقَاقَه من اعتَرَطَ في الأرضِ إذا ذَهَبَ فيها، سُمي قُثَم لتَلَطُّخِهِ بِخُرئِهِ من قَثَمَ وأقثم إذا جَمَعَ ومن


(١) جاء في الأمثال: أذل من حمار قبان انظر: جمهرة الأمثال: ١/ ٤٧٠، ومجمع الأمثال: ٢/ ٢٨٣، وثمار القلوب: ٣٦٩.
قال الراجز:
يا عجبًا لقد رأيت عجبا … جمار قبّان يسوق أرنبا
(٢) في (أ) حطب.
(٣) انظر ما قيل عن إفسادها في قول العرب في المثل: (أفسد من الضَّبع) جمهرة الأمثال: ٢/ ١٠٤، والدرة الفاخرة: ١٤٤، ومن كنى الضَّبع أيضًا: أمّ رمال، وأمّ خنّور، وأمّ رغم، وأمّ عمرو جمهرة الأمثال: ١/ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>