للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقولُ لَمّا جاءني فَخره … سُبحانَ من علقَمَةَ الفاخِرُ

فلولا أنّه عَلَمٌ لكانَ مُنصرفًا بمنزلةِ غُفران ونُشدان. "شَعوب" من الشَّعبِ وهو الفَريقٌ. كُنّيت المنيةُ بأمِّ قَشعم، لأنَّ جِيَفَ المَوتى مما تَسقُطُ عليها القَشاعِمُ. "كَيسان" بمعنى الغَدر من الكَيَسِ الذي هو خلافُ الحُمق. يقولُ: إذا ما دَعوا الغَدرَ كما يَدعو الرجلُ صاحبَهَ ليقبلَ عليه، فالغدرُ أجوبُ لكهولِهِم ومشايِخِهم الطَّاعنين في السِّنِّ منه لِشَبَابِهِم، يريدُ أنَّ مشايخَهم من شبابِهم. بها جَرَبٌ: يريد عَيْبٌ، عُدت عَلَيَّ: أي نُسبَت إليَّ.

قالَ جارُ الله: "وقالوا في الأوقاتِ: لقيتُه غدوةً وبكرةً وسحرَ وَفينةً".

قالَ المُشرّحُ: مذهبُ النَّحوِيين أنَّ هذه الأسماء إذا عَنَيتَ بها غُدوةَ يومِكَ، وبكرتَه، وسَحَرَ ليلتِكَ، وفَينَةَ وقتِكَ، فهي غيرُ منصرفَةٍ، وعندي (١)


(١) ردّ كثير من النّحويين على صدر الأفاضل، وقبل أن أتعرض لردودهم أريد أن أوضح هنا مسألتين:
الأولى: هل تفرد صدر الأفاضل بهذا الرأي؟ أو هو مسبوق إليه؟ أقول: عند الرجوع إِلى مصادر الكتب النّحوية المختلفة تبين لي أنَّ صدر الأفاضل هو صاحب هذا الرأي بهذا التّعليل. وقد ذهب ابن الطراوة المالقي الأندلسي (٥٢٨ هـ) إلى أنَّ سحر … مبنية لكن بغير تعليل صدر الأفاضل، إنما هي عنده مبنية لعدم التقار يريد القرار. انظر رأيه في التذييل والتكميل: ٥ / ورقة: ٥٣، وشرح ألفية ابن معطي للرّعيني: ٢/ ورقة: ١٣ .... وانظر كتاب (ابن الطراوة النحوي) لأخينا وصديقنا الأستاذ عيّاد الثبيتي: ص ٣١٥.
ونَقَلَ ابنُ أمِّ قاسمٍ المرادي (٧٤٩ هـ) في شرحه للتسهيل: لوحة: ٤١٧ نسخة الفاتح إلى أنَّ ابن برهان (٤٥٦ هـ) ذهب إلى مثل ما ذهب إليه الخوارزمي، وقد رجعت إلى كتابه (شرح اللُّمع) فلم أجد فيه ما يدل على ذلك.
والثانية: تصحيح الوهم الذي وهمه أبو حيَّان الأندلسي (٧٥٦ هـ) حيث ذهب إلى أنَّ صدر الأفاضل هو ناصر بن أبي المكارم المطرزي، وهذا خطأ ظاهر لأن صدر الأفاضل هو القاسم بن الحسين الخوارزمي، ولا أعلم أنَّ ناصر بن أبي المكارم يلقب صدر الأفاضل؟! ولا أن هذا الرأي ينسب إليه وقد نقل هذا الخطأ أكثر تلاميذ أبي حيّان ولم يتنبهوا لذلك، منهم ابن هشام الأنصاري في كتابيه التوضيح والمغني، وابن عقيل، وابن أم قاسم، وناظر الجيش … وتنبه له الرعيني وهو من تلاميذ أبي حيّان. كما سار على هذه الغلطة أكثر شراح المغني والتوضيح وتنبه لها الأسلامبولي في شرحه على المغني، وابن حيي زادة … وممن درج عليها الأشموني والصّبان، والدماميني، وكثير من المحققين في وقتنا هذا ..
أمَا الرّدود على صدر الأفاضل في هذه المسألة فكثيرة جدًا، مع أنّ بعض النحويين ترفع =

<<  <  ج: ص:  >  >>