للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا (١) وجهَ إلى أن تكونَ هذه، لأنّه لا حاجةَ إلى إيرادِ الإِعرابِ على الفعل من أجلِ بيانِ هذه الأحوالِ، إِذ اختلافُ صيغةِ الفعلِ نَفيُ بيانِها، ألَا تَرى أنَّ للماضي صيغةً، وللحالِ صيغةً، وللمستقبل صيغةً، وإنَّما أعرِبَ المُضارعُ من بينِ سائرِ الأفعالِ لمضارعتِهِ الاسمَ، أَلَا تَرى أنَّه يقعُ موقعَه، تقولُ: جاءَني رجلٌ يضربُ، كما تقولُ: جاءَني رجلٌ ضاربٌ، ومررتُ برجلٍ يضربُ كما تقولُ: مررتُ برجلٍ ضاربٍ. ورأيتُ رجلًا يضربُ، كما تقولُ: رأيتُ رجلًا ضاربًا. فإن سألتَ: فكما تقولُ: جاءني رجلٌ يضربُ، فكذلك تقولُ: جاءَني رجلٌ ضَرَبَ. أجبتُ: لَعَلَّهم يقولون المضارعُ أكثرُ مناسبةً لاسمِ الفاعلِ من الماضي له. هذا (٢) وجهُ (٣) تَصحيحِهِ.

وأمَّا وجهُ بطلانِه، فلأنَّ استيجابَ المضارع الإِعراب لكونه شبيهًا بالاسمِ يقتضي أن يكونَ إعرابُ المضارعِ مُؤخرًا عن إعرابِ الاسمِ، وإعرابِ المضارعِ غيرَ مؤخرٍ عن إعرابِ الاسمِ.

أمَّا بَيَانُ المُقَدِّمة الأولى: فلأنَّ الشيءَ متى استَوجَبَ بالمشابَهَةِ حُكمَ شي فلا بُدَّ من أن يكونَ حُكمُ ذلك الشيءِ مقدّمًا على حُكمِ هذا المُستَوجِبِ، وهذا بَدِيهيٌّ.

[وأمّا] (٤) بيانُ المقدّمةِ الثانيّة فلأنَّ المضارعَ قد ظَفِرَ بإعرابِهِ حالةَ الإِفرادِ، والاسمُ لم يظفر به إلا حالةَ التّركيبِ، وحالةُ التركيبِ مؤخرةٌ عن حالةِ الإِفرادِ. بيانُ أنَّ المضارعَ قد ظَفر به حالةَ الإِفرادِ، أنَّ الواضعَ وَضَعَهُ معربًا حينَ كان إفرادُ الكلمِ. وبيانُ أنَّ الاسمَ لم يظفَر به معربًا إلَّا حالةَ التركيبِ ظاهرٌ، وذلك لأنَّ (٥) الأسامي في الأصلِ وُضعت عاريةً عن


(١) ساقط من (أ).
(٢) في (أ) وهذا.
(٣) في (ب).
(٤) ساقطة من (أ)، (ب).
(٥) في (ب) أنَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>