للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قإِذا رهَنَهَا أَو باعَها بيعًا جائزًا فليس له فيها حقُّ الشُّفعةِ، لأنَّه من الضّرَرِ على شرفِ المفارقةِ، فلا يعتبرُ. وكذلك قلنا بأنَّ صياقلَ غيرُ منصرفٍ وصياقلةً منصرفٌ فهذا تحقيقُ ما عليه هذا (١) الباب.

والآن أُفسِّرُ كلامَ الشَّيخِ فأقولُ: يُختَزَلُ: أي يُقتَطَعُ، والاختزالُ والاقتطاعُ (٢) بمعنىً. قال النحويّون: الأصلُ في الاسمِ أن يكونَ على الإِعرابِ التَّامّ إلَّا أنَّه نَقَصَ إعرابُه مَنعَ الصرفِ لِشَبَهٍ ينعقِدُ بينه وبينَ الفِعلِ، وهذا لأنَّ الفعلَ حيثُ مُنِعَ الجَرِّ والتنوينَ، مُنِعَهما لِثِقَلِهِ، والاسمُ إذا شَابَهَ الفعلَ منعهما أيضًا لوجودِ عِلَّةِ المنعِ فيه حِينَئذٍ.

أما بَيانُ المقدّمةِ الأولى: فلأنَّ الفعلَ يَجْرِي فاعِلًا ومَفعولًا، وذلِكَ يَدُلُّ على ثِقَلِهِ، وامتناعِ الجَرِّ والتَّنوينِ فيه (٣) مناسبٌ أن يكونَ بهذا الثِّقَلِ.

أمّا بيانُ المقدمةِ الثَّانيةِ فلأنَّ الشَّبَهَ متى وَقَعَ بين الاسمِ وبين الفعلِ يُتَثَاقَلُ فيُمنعُ الجَرَّ والتَّنوينَ عَمَلًا بالشَّبَهِ. وهذه أشياءُ ضَعِيفةٌ تَتَفَرَّقُ هَبَاءً مُنبَثًّا برائِحَةِ مطالبةٍ وشبهِ مُعارضةٍ. فنقولُ: لم يمنعُ الاسمُ الجَرَّ والتَّنوينَ إذا شابَهَ الفعلَ، قولُه: بأنَّه يُتَثَاقَلُ، قلنا: لا نُسَلّمُ، قولُه: عَملًا بالشَّبَهِ قلنا: لِمَ قلتَ بأنَّ هذا مما يُعمَلُ به، وهذا لأنَّ ما من شيءٍ إلَّا وهو يُشبُه شيئًا ثم لا يُعطَى حُكمَهُ، أَلَا تَرى أنَّ في الرجالِ من يُشبِهُ أَباك ثُمَّ لا تُبَجِّلُهُ تبجيلَ أَبيكَ. إنَّما الذي يُعتَبَرُ به من الشبهِ أن يكونَ الشيءُ يُشبِهُ (٤) الشيَء لا يفوتُهُ إلّا الصُّورَةُ، وذلك ما النَّافيةُ فإنَّها لمّا كانت بمعنى "ليس" وهو نَفْيُ الحالِ أُعْملت في المذهبِ الحِجازِيّ عَمَلَها، ومثلُ المبتدأ فإنَّه لما كان بمعنى الفاعلِ أُعطى صورتَه وهي الرَّفعُ، ومثلُ اسمِ الفاعِلِ فإنَّه لما كانَ بِمَعنى المُضارِعِ أُعمِلَ عَمَلَه، فحاصلُ المسألةِ أنَّ المشبَّه (٥) به في هذه الصُّورِ واحدٌ، لا يفوته إلَّا


(١) في (ب) ذلك.
(٢) في (أ) الاختراع.
(٣) في (ب).
(٤) في (أ) شبه.
(٥) في (ب) فحاصل المسألة المشبه إلى المشبه به.

<<  <  ج: ص:  >  >>