للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كانَ في "مُنطلقٌ" ضَميرٌ هو فاعلُه كانَ جملةً، ولذلك ذَكروا في بابِ الموصولاتِ، في شَرحِ قولهم: (الضَّارِبُ أباه زيدٌ) واسم الفاعِل في الضَّارِبِ في معنى الفِعلِ وهو مع (١) المرفُوعِ به جملةٌ واقعةٌ صلةَ اللَّامِ، وعدُّ الجَملة مفردًا خَطَأٌ مُسْتَدْرَكٌ؟ أَجبتُ: ما الدَّلِيلُ على كونِهِ جملةً، إنَّما يكونُ جملةً أن لو كانَ في اقتضائِهِ الفاعلَ مستبدًّا، وهو غيرُ مُسْتَبِدٍّ ها هنا، لأنَّه لم يَعمل عَمَلَ الفعلِ ها هنا. إلَّا باعتِمَادِهِ على المُبتدأ، فيكونُ المبتدأ مأخوذًا من كونِهِ جملةً، بخلافِ الفعلِ.

قالَ جارُ اللهِ: فصلٌ؛ ولا بُدَّ في الجملةِ الواقعةِ خبرًا من ذِكرٍ ما يَرجعُ إلى المبتدأ، وقولك في الدارِ معناه استقرَّ فيها.

قالَ المشرِّحُ: الجملةُ إذا وَقَعَت خبرًا للمبتدأ فلا بُدَّ فيها من ضميرٍ يرجعُ إِلى المبتدأ، ولو لَمْ يكن بَينَه وبينَ الجملةِ ذلك الضَّمير، لم يَكن بينَه وبينَ الجملةِ مماسَّةٌ فَضلًا من أن تكونَ معوَّلةً على المبتدأ، ألا تَرى أنَّك إذا قُلتَ: زيدٌ سَقَطَ جِدارُ عمروٍ، فهذه الجُملة أعني: "سقط جدار عمرو" لا يجوزُ وقوعُها (٢) خبرًا للمبتدأ إذ لا مِساسَ بينه وبين زيدٍ، وقوله: "في الدّار" معناه: استقرَّ فيها فالراجع من الخبر إلى المبتدأ هو ذلك الضمير المستكن في الفِعل، ونظيرُ هذه المسألةِ كم ناقةً لك وفَصِيلَها، قولهم: وفَصِيلَها بالنَّصبِ والرَّفعِ، فالنَّصبُ بالعَطْفِ على ناقةٍ، والرَّفعُ بالعطفِ على ما في "لك" من الضميرِ المرفوعِ، لأنَّ تقديره كم ناقةٍ استقرّت لك، وفي استقرت (٣) ضميرٌ راجعٌ إلى الناقةِ، وتقولُ مررتُ بأصحاب لك أجمعون أكتعون. قال ابنُ السَّراجِ: لأنَّ في "لك" اسمًا مضمرًا مرفوعًا (٤).


= الأندلسي: ١/ ١٢٤، ١٢٥، وشرح ابن يعيش: ١/ ٨٨، وشرح الكافية للرضي: ١/ ٨٦، وأخذ الرّماني والزّجاج بمذهب الكوفيين.
(١) في (ب) ومع.
(٢) في (أ) ب وقوعه.
(٣) في (أ) استقرت لك.
(٤) نقل الأندلسي في شرحه: ١/ ١٢٧، ١٢٨ شرح هذه الفقرة ثم وضّح بقوله: قلت: أمّا الذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>