للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ الله: وقد التُزِمَ تقديمُه فيما وَقَعَ فيه المُبتدأ نَكِرةً والخبرُ ظَرفًا وذلك في مثلِ (١) قولِكَ في الدَّارِ رَجُلٌ.

قالَ المُشَرِّحُ: لو لم (٢) يَكُن الخبرُ ها هنا مقدِّمًا على المبتدأ لما جَازَ الكلامُ لكونِ المبتدأ نكرةً محضَةً. ونظيره تَحتَ رأسِي سَرجٌ، وعلى أَبيه دِرعٌ.

فإِن سألتَ: كما التُزم تقديمُ الخبرِ فيما وَقَعَ فيه المُبتدأ نكرةً والخبرُ ظرفًا، فكذلك التُزم تَقديمُه فيما إذا لم يَكُن الخبرُ ظَرفًا، فَما الفائِدةُ في تخصيصِ الخبرِ بكونِهِ ظرفًا؟ أجبتُ: ما الدليلُ على ذلك، وهذا لأنَّ المبتدأ إذا كانَ نكرةً والخبرُ غيرَ ظرفٍ لا يخلو من أن يكونَ الخبرُ اسمًا أو فعلًا، وأيًّا ما كان فإنَّه لا يلزُم حينئذٍ (٣) تقديمُ الخبرِ، أمّا إذا كان اسمًا كما إذا قُلتَ: رجلٌ ظريفٌ، وأردتَ أن تَجعلَ مبتدأً رجلٌ وظريفٌ خبَره فإِنه لا يَلزُم تقديمُ الخبرِ ها هنا، وذلك لأنَّ المعني بالتِزام تقديمِ الخبرِ التُزم تقديمِه بالمبتدأِ والخبرِ بحالِهِما ولو قَدَّمتَ الخبرَ ها هنا فَقلتَ: ظريفٌ رجلٌ لم يبقَ المبتدأ والخبرُ بحالِهما، لأنَّ ظريفًا إِذ ذاك مبتدأٌ ورجلٌ مرفوعٌ بأنَّه عطفُ بَيَانٍ، ولا بُدَّ من إخراجِ خبرِ المبتدأِ، ليتمَّ كلامُه، وكذلك إذا قُلتَ رجلٌ جاءَني فقدَّمتَ الخبرَ فقلتَ: جاءَني رجلٌ، ولم يبقَ المبتدأ والخبرُ بحالِهِما، لأنَّه يُقلِبُ الجملةِ الابتدائِيّة جملةً فِعلية، فَعُلِم أنّه إذا كانَ المبتدأُ نكرةً والخبرُ غيرَ ظرفٍ لم يلزَم تقديمُ الخبرِ، ولئن سَلَّمنا أنّه يَلزَمُ تقديمُ الخبرِ على الإِطلاقِ إذا كان المبتدأُ نكرةً، لكنَّ الظرفَ أوجَبُ تقديمًا من غيرِه ألا تَرى أنّه يجوزُ تقديمُ الخبرِ على الاسمِ في بابِ إنَّ إذا كانَ ظرفًا، ولا يجوزُ تقديمُه إذا لم يكن ظرفًا، والاسمُ والخبرُ في بابِ إنَّ في الأصلِ مبتدأٌ وخبرٌ.

قالَ جارُ اللهِ: أمَّا سلامٌ عَليك، وويلٌ لك، وما أشبَههما من الأدعِيةِ


(١) في (ب).
(٢) شرح هذه الفقرة نقله الأندلسي في شرحه ١/ ١٣٣ ولم يعقب عليه بشيء.
(٣) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>