للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ اللَّه: وقوله تعالى (١): {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} يحتملُ الأمرين، أي فأمري صبرٌ جميلٌ أو فصبرٌ جميلٌ أجملُ.

قالَ المشرحُ: إن كان معناه فأمري صبرٌ جميلٌ وَهو على حذفِ المبتدأ، وإن كانَ معناها فصبرٌ جميلٌ أجملُ فهو على حذفِ الخبرِ.

قالَ جارُ الله: وقد التُزِمَ حذفُ الخبرِ في قولِهم: لولا زيدٌ لكان كذا لِسَدِّ الجوابِ مَسدَّهُ.

قالَ المشرحُ: هذه المسألةُ (٢) من المسائِل التي دَقّقَ فيها النحويون، قالوا زيدٌ ها هنا مرتفعٌ بالابتداءِ، والخبرُ محذوفٌ تقديرهُ لولا زيدٌ كائنٌ لكان كذا، وإنما حُذِفَ خبرُ المبتدأ لِسَدّ جوابِ لولا مَسَدّه، ومعنى سَدِّ جوابِ لولا مَسَدّه، كونُ جوابِ لولا دالًّا عليه، وأنّه كذلك، لأنَّك لما جَعَلتَ ما وَقَعَ من امتناعِ الثاني معلولَ الأوّلِ فقد جَعَلتَه دالًّا على الأوّل محكومًا عليه بالوجودِ ضرورةَ أنَّ الشَيء الوجوديَّ بدونِ ذلك يستحيلُ أن يُجعَلَ عليَّةً لغيرِهِ، والحكمُ بالوجودِ على الأوَّلِ بأنّه هو المبتدأ ليس إلا خبرَ المبتدأِ.

قالَ جارُ اللهِ: ومِمَّا حُذِفَ فيه الخبرُ لسدّ غيرِه مَسَدّه قولُهم أقائمٌ الزّيدان.

قالَ المشرّحُ: ذَكَرَ النَّحوِيُّون أنّ أقائمٌ في قولكَ أقائمٌ الزَّيدان مرتفعٌ بالابتداءِ والزَّيدان مرفوعٌ بأنّه فاعلُ هذه الصفةِ وهي قائمٌ، والخبرُ محذوفٌ (٣)، وهذا الكلامُ عليه سِمةُ الفَسَادِ، وقبلَ أن أُبَيّنَ فسادَه أُصلِحُهُ،


(١) سورة يوسف: آية ١٨، ٨٣.
(٢) نقل الأندلسي في شرحه: ١/ ١٣٧ شرح هذه الفقرة ولم يعقب عليها.
(٣) هذا أحد رأيي البصريين. انظر شرح التّسهيل لأبي حيّان: ٢/ ٤٧ قال أبو حيان: … ذهب البصريون إلى جواز ذلك، فيقولون: أذاهب أنتما وما ذاهب أنتم. وذهب الكوفيون إلى منع ذلك، فإذا قلت: أقائم أنت جعلوا قائمًا خبرًا مقدمًا، وأنت مبتدأ، والبصريون يجيزون هذا الوجه، ويجيزون أن يكون أنت فاعلًا بقائم ....

<<  <  ج: ص:  >  >>