للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا يا سَنَا بَرقٍ على قُلَلِ الحِمَى … لَهِنَّكَ من بَرقٍ عليَّ كَرِيمُ

أصلُ لَهنَّكَ لَإِنَّكَ، فتكونُ إنَّك بمنزلةِ المبتدأ، وكريمٌ بمنزلةِ الخبرِ، وهذا يقتَضِي أَلَّا يكونَ (١) ارتفاعُ خبرِ إنَّ بالحرفِ، وإذا لم يَكُن ارتفاعُ خبرِ إنَّ بالحرفِ لَزِمَ أن لا يكونَ ارتفاعُ خبرِ سائرِ الحُرُوفِ بالحرفِ أيضًا (٢) ضرورةَ أنَّه لا قائلَ بالفصلِ بينَ الموضعين.

حجّةُ البصريين حرفان، أحدُهما: أنَّ اتّصالَ نونِ العمادِ بهذه الحروفِ دليلٌ على تَنزيلِها منزلةَ الفعلِ، وإذا تَنَزَّلت منزلةَ الفعلِ كان مرفُوعها بمنزلةِ الفاعِلِ ومنصوبُها بمنزلةِ المفعولِ، ولهذا قالَ أصحابُنا: نُزِّل قولك إنَّ زيدًا أخوكَ منزلة ضَرَبَ زيدًا أَخوك، وكأنَّ عَمرًا الأسدُ، فَرَسَ عَمرًا الأسدُ، وليس معنَى هذا الكلامِ سوى أنَّ الفعلَ كما لا بُدَّ له من مرفوعٍ ومنصوبٍ بأنَّهما فاعلٌ ومفعولٌ، فكذلك ما تَنَزَّلَ منزلتَه، وإذا تَنَزَّلَ المرفوعُ منزلةَ الفاعِلِ استَحَالَ أن يكونَ ارتفاعُهُ على أنّه خبرُ المبتدأ (٣).

الحرفُ الثّاني: أنَّ أنواعَ ما يدخل على المبتدأ والخبرِ من العوامِلِ على علمين، وذلك نحو كَانَ وأَخواتُها، وظننتُ وأخواتُهَا، فكذلك هذا النَّوع أيضًا، يكونُ على علمين إلحاقًا للمفرد بالأعمِّ الأغلبِ، ثم الخلافُ فيه يظهرُ فيها إذا قُلْتَ: إنَّك وزيدٌ ذاهبان فإنَّه عندَ الكوفيّينَ يجوزُ،


= قال التبريزي: ومنه قول الآخر أنشدناه ابنُ بَرِهَان:
أَلَا يا سَنا برقٍ على قُلَلِ الحِمى … لَهنَّكَ من برقٍ عليّ كَريمُ
لَمَعت اقتذاءَ الطيرِ والقَومُ هُجْعٌ … فهيجت أسقامًا وأنت سقيمُ
فبتُّ بِحَدِّ المرفقِينَ أَشِيمُهُ … كأنِّي لِبَرقٍ بالسِّتارِ حَميمُ
فَهَل مَن معيرٍ طرفَ عينٍ صحيحةٍ … فإنسانُ عينِ العامري كَلِيمُ
رَمى قلبَه البرقُ الملألِئُ رَميَةً … بذكرِ الحمى وَهنا فكدت أَهِيمُ
(١) في (أ) أن يكون.
(٢) في (ب).
(٣) في (أ) للمبتدأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>