للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنَّ لهم مالًا، وإنَّ لهم ولدًا، وإنَّ لهم عددًا إن الناس عليكم: أي إلبٌ عليكم. مَهَلًا أي تقدّمًا ويُروى: مَثَلًا. يعظُنَا الأعشى ويُبَصّرُنا فيقولُ: إنَّ لنا في هذه الدُّنيا حُلولًا معقبٌ برحيلٍ إذ الرحيلُ يكونُ عمّا قليلٍ ذاك لأنّه تَوَغَّلَ الرّفاقُ في المسيرِ (١) فما لَنَا غيرُ التَّعجِيلِ في آثار المطيّ، وأمَّا روايةُ مَثَلًا فهو كما يَقُولُ في الأمواتِ عبرةٌ للأحياءِ. واعلم أنَّ إنّ إذا دَخَلَت على الجملةِ فكما تفيدُ معنى تَحقيقِ الجملةِ وتأكيدِه فكذلك تُؤَثِّرُ فيها غيرَ هذا التَّأثيرِ. فمن تأثيرِها فيها أَنَّها إذا كانت فيها تُغنِي عن الخَبَرِ في بعضِ الكلامِ وَوَضَعَ صاحبُ الكتابِ في ذلك بابًا فقالَ (٢): (هذا بابُ ما يحسُنُ عليه السُّكُوتُ في هذه الأحرفِ الخمسةِ لإِضمارِ ما يكونُ مستقرًّا لها وموضعًا لو أظهرتَه وليس هذا المضمر بنفسِ المُظهَرِ وذلك قوله: إنَّ مالًا وإنَّ ولدًا وإنَّ عددًا وقد تَرى حسن الكلام وصحّته مع حذفِهِ وتركِ النطقِ به). قَالَ الإِمامُ عبدُ القاهِرِ الجُرجاني (٣) ثم إنَّك إن عَمَدت إلى إنَّ فأسقطتها وجدتَ الذي كان من حذفِ الخبرِ لا يَحسُنُ ولا يسوغُ فلو قُلتَ مالٌ وعددٌ ومَحَلٌّ ومُرتَحَلٌ وغيرها إبلًا وشاء لم يَكن شيئًا. وهذا لأنَّ خَبَرَ إنَّ كما يَستدعيه إسمُ إنَّ فكذلك إنَّ نفسُها بخلافِ خبرِ المبتدأ.

قالَ جارُ اللهِ:

يا لَيْتَ أيَّامَ الصِّبَا رَوَاجِعَا (٤)

أي يا ليت لنا.


(١) في (أ) المصير.
(٢) الكتاب لسيبويه: ١/ ٢٨٣.
(٣) دلائل الإعجاز: ٣٠٨ والنّص منه إلى قوله: .. لم يكن شيئًا.
(٤) ينسب هذا البيت إلى العّجاج، ملحقات ديوانه: ٢/ ٣٠٦ وهو من شواهد سيبويه: ١/ ٢٨٤، وذكره ابن سلّام في طبقات الشعراء: ٦٥ وانظر خزانة الأدب: ٤/ ٢٩٠، وشرح أبيات المغني: ٥/ ١٦٤. وانظر توجيه إعرابه في المنخّل: ٢٢. وشرح الأندلسي: ١/ ١٥٣، وابن يعيش: ١/ ١٠٣ ورد في هامش نسخة الأحمدية من كتاب المنخّل في الورقة رقم: ٢٢ تعليقة =

<<  <  ج: ص:  >  >>