للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ اللهِ: خبرُ لا الَّتي لنفيِ الجنسِ.

وهو في قولِ أهلِ الحجازِ لا رجلَ أَفْضَلُ منكَ، ولا أَحَدَ خيرٌ منك، وقولُ حاتِمٍ (١):

ولا كَرِيمَ من الوِلدانِ مَصبوحُ

يحتملُ أمرين: أحدُهما: أنّ يَترُكَ فيه طائِيَّته إلى اللُّغةِ الحِجَازِيّة، والثاني: ألَّا يَجعلَ مصبوحًا خبرًا لكنْ صفةً محمولةً على محلِّ لا مع المَنفِي، وارتفاعُه بالحرفِ أيضًا لأنَّ لا محذُوٌّ بها حَذْوَ إنَّ من حيثُ أنَّها نقيضتُها، ولازمةٌ للأسماءِ لُزُومَها.

قال المشرِّحُ: - إنَّما خَصَّ أهلُ الحجازِ في قولهِ: هو قولُ أهلِ الحِجازِ، لأنَّ غيرَ أهلِ الحجازِ يحذِفُونها ولا يُبَالونُ به وهم بَنو تَمِيمٍ (٢). فإن سَأَلتَ: فَبِمَ يُعَرَفُ الخبرُ المحذوفُ؟ أجبتُ: لأنَّهم لا يبالون بلا النّافية للجنسِ إلَّا في موضعٍ يكونُ فيه على الخَبَرِ المحذوفِ دليلٌ.

مصبوحٌ في بيتِ حاتِم يُحتَمَلُ أن يكونَ ارتفاعهُ بأنَّه (٣) خبرُ لا النَّافِيَةِ للجنسِ وإن كانَ بنو طَيّءٍ لا يأتُونَ بخبرِ لا النافيةِ للجنس بينَهم، لكنَّهم (٤) أخذُوا بلغةِ أهلِ الحجازِ، وهذا كما يأخذُ الهرويُّ في شعرِه، باللُّغةِ الغَزنَوِيَّةِ، والغَزنَوِيُّ باللُّغةِ الهَرَوِيَّةِ.


= أيضًا: أنّ ليت في قولهم ليت شعري بمعنى أتمنى علمي ..... وهذا أيضًا فاسد لأمرين:
أمّا أولًا: فلأنَّ ورود ليت بمعنى أتمنى هو على القلّة والندرة فلا يعوّل عليه.
وأمَّا ثانيًا: فلأنه قد جاء حذف الخبر في أخواتها كأنّ ولعل كما فصّلناه فحملها على ما ورد في أخواتها أحق من حملها على غيره. فهذا الذي ذكره الخوارزمي وإن كان ضعيفًا بما قررناه كما ترى. إلّا أنّ السّهو والذّهول فيه ليس كالذي ذكره ابن الحاجب والله أعلم.
(١) الصحيح أنه لعمرو بن مالك البنيتي كما سيأتي.
(٢) شرح التسهيل لأبي حيان: ٢/ ١٦٣.
(٣) في (أ) بأنّ.
(٤) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>