للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الاعتراضُ عليها فأقولُ: الذي يَصِحُّ أن يكون مصبوحًا هو الكريمُ، أما نَفيُ الكريمِ وعدمُهُ فكونُه مصبوحًا من أشنعِ ما يكونُ من المُحالِ، والذي يُمكن تَنَحُّلُه في هذا المقام أن يقال: الاستفهامُ يَجرِي مَجْرَى النَّفي، وذلك إذا كانَ إنكارًا، ومما يُسْتَأْنَسُ به في هذا البابِ قولُ البُحتُريّ (١):

وَدِدتُ وَهَل نَفْسُ امرِءٍ بملومةٍ … إذَا هِيَ لَم تُعطَ المنى في وِدادِها

أَلا تَرى أنّه أدخلَ الباء في خبرِ المبتدأ الذي دَخَلَ عليه الاستفهامُ، كما في خبرِ المبتدأ الذي يَدخُلُ عليه النَّفي. وأنشدَ الأحمرُ (٢):

* أَلا هل أَخو عَيشٍ لذيذٍ بِدَائِمِ (٣) *

فيُجرى النفي مَجرى الاستفهامِ ها هنا ويكونُ المعنى وأيُّ كريمٍ من الولدان مصبوحٌ والوجهُ الجَيّدُ أن يُقال: مصبوحٌ صفةُ للمنفي لا مع النافي، وهذا لأنَّ محلَّ النَّفي ها هنا رفعٌ، بدليلِ أنَّ (٤) لا النافية للجنسِ رُبَّما نُزلت


(١) ديوان البحتري: ٢/ ٦٧٤ من قصيدة يمدح بها المهتدي بالله أولها:
إذا عرضت أحداج سلمى فنادها … سقتك غوادي المزن صوب عهادها
أما لبثة نقضي لبانات عاشق … بها أو يروي حاتم بأتئادها
وددت وهل نفس امرئ ..... … .......................
لو أنّ سليمى أسجحت أو لو أنّه … أعير فؤادي سلوة من فؤادها
(٢) لعلّه هو خلف الأحمر بن حيّان بن محرز أبو محرز مولى بلال بن أبي بردة عالم بالأدب واللغة حافظ للأشعار، يقول الشعر فيشبه أشعار القدماء، وربما نحلها الشاعر فيصعب تمييزه. أخباره في إنباه الرواة: ١/ ٣٤٨، ونزهة الألباء: ٦٩. وممن يسمى بالأحمر عليّ بنُ المبارك الكوفي انظر إنباه الرواة: ٢/ ٣١٣.
(٣) صدر البيت:
يقول إذا اقلولى عليه واقردت
وهو للفرزدق، من قصيدة يهجو بها جريرًا. ديوانه: ٢/ ٨٦٣، والنقائض: ٧٥٣ وقبله:
وليس كُليبيُّ إذا جَنَّ لَيلُه … إذا لم يَجد ريحَ الأتانِ بنائِمِ
انظر البيت في معاني القرآن للفراء: ١/ ١٦٤، والمنصف: ٣/ ٦٧، وأمالي ابن الشجري: ١/ ٢٦٧، والمغني: ٣٨٨، وشرح أبياته للبغدادي: ٦/ ٦٥ …
(٤) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>