للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك على نوعين مَصدَرٌ، وغيرُ مَصدَرٍ، فالمصدرُ على نوعين: ما يُلاقِي الفِعلَ في اشتقاقِه كقوله تعالى (١): {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} وقوله (٢): {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}، وما لا يُلاقيه فيه كقولك: قعدتُ جُلوسًا، وحُبِستُ مَنعًا، وغيرُ المصدرِ نحو قولك: ضربتُه أنواعًا من الضَرب وأيَّ ضربٍ، وأيَّما ضربٍ، ومنه: رَجَعَ القَهقَرى، واشتَمَلَ الصَّماء، وقعدَ القُرفُصاء لأنَّها أنواعٌ من الرّجوعِ، والاشتِمالِ، والقُعُودِ".

قالَ المشرّحُ: الدليلُ على أنَّ (٣) أيَّ ضربِ مصدرٌ (٤) منصوبٌ على المصدرِ أنَّه في الأصلِ صفةُ مَصدَرٍ فلما حُذِفَ الَمصدَرُ أقيمت الصفةُ مقامه فنابَت منابَه. ونظيرُ هذه المسألةِ في الدارِ من قولك: زيدٌ في الدارِ، فإنَّه يُسمى خَبَرًا، لأنَّه قامَ مقامَ الخَبَرِ، وهو كائنُ، كذلك هذا نَباتًا: إنما هو مَصدرُ نَبَتَ، وهما في الاشتقاقِ يتلاقيان، كما أنَّ تبتيلًا: مصدَرُ بَتَلَ، لا مصدَرُ تبتَّل، وهما أيضًا يتلاقيان في الاشتقاقِ. الضميرُ في "قيه" من قوله: "وما يلاقيه" فيه يرجعُ إلى الاشتقاقِ. جلوسًا: مصدرٌ بمعنى القُعُودِ، لكنْ لا يُلاقي القعودَ في الاشتقاقِ. وكذلك منعًا: مصدَرٌ بمعنى الحَبسِ لكن لا يُلاقيه في الاشتقاقِ. القَهقَرى: هو الرّجوعُ إلى خَلف (٥). الصَّمَّاءُ: هو أن يُجَلِّل جَسَدَهُ بِثَوْبٍ حتَّى لا يَبدُوَ منه شيءٌ (٦) واشتقاقُه من الصَّمَمِ (٧)،


(١) سورة نوح: آية ١٦.
(٢) سورة المزمل: آية ١٨.
(٣) زيادة من (ب).
(٤) زيادة من (أ).
(٥) كذا هو في الصّحاح للجوهريّ: ص ٨٠١.
(٦) المغرب: ص ٢٧٢، والصحاح: ص ١٩٦٨، قال: … وهو أن يردّ الكساء من قبل يمينه على يده اليسرى وعاتقه الأيسر، ثم يرده ثانية من خلفه على يده اليمنى وعاتقه الأيمن فيغطيهما جميعًا. وانظر غريب الحديث لأبي عبيد: ١/ ١١٨. والفائق: ٢/ ٣١٥.
(٧) قال ابن الأثير في النهاية: ٣/ ٥٤ وإنما قيل لها صمّاء، لأنه يسدّ على يديه ورجليه المنافذ كلها كالصّخرة الصّماء التي ليس فيها خرق ولا صدع. وانظر اللّسان: ١٢/ ٣٤٧، ولم أجد من ذكر اشتقاقها من الصّمم غير المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>