للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَفَتنَ مَجدولَ الشَّكِيمِ كأنَّما … أَشرنَ إلى ذَاوٍ (١) من النَّبتِ بالأْزُمْ

قالَ جارُ الله: ومنه قولهم: "أوَ فرقًا خيرًا من حُبٌّ" (٢). بمعنى أو فَرَقُكَ فرقًا خيرًا من حُبٍّ؟.

قالَ المشرّحُ: - هذا -أيضًا- من المصادر المنصوبة بأفعالٍ مضمرةٍ، وهو مما يُستَعملُ إظهارُ فعلِه، فإن سألتَ: فما الفرقُ بينَ هذا المصدَر المنصوب، وبينَ المصادِرِ المنصوبَة المتقدَّمة، حتى أفرد هذا من تلك، وجَعله نَوعًا على حِدَةٍ، ولم يُورِده فيها؟ أجبتُ: هذا شيءٌ قليلُ الوقوعِ، لا يكادُ يُستَعملُ إلَّا في النُّدرَة والأحايين، فكيفَ تَرى إظهارَ فِعله؟ وأمَّا ذاك فمستقصىً كثيرُ الوقوعِ، كثيرًا ما تَرى إظهارَ فِعلِهِ. ويُضربُ المَثَلُ فيما إذا قالَ له غَيرُه: تُحِبُّني فقالَ: أفرقُكَ فَرقًا خيرًا من حُبٍّ.

قالَ جارُ الله: "والنّوع الثّاني: قولك: سَقيًا ورَعيًا، وخَيبةً وجَدْعًا، وعَقرًا وبؤسًا، وبُعدًا وسُحقًا، وحمدًا وشكرًا، لا كفرًا وعجبًا".


(١) في (ب) فقط دان.
(٢) هذا المثل مذكور في كتاب الأمثال للضّبي: ص ٧٦، والفاخر: ص ٢٤٠، ومجمع الأمثال: ٢/ ١٦، فصل المقال: ٥٣، وكتاب سيبويه: ١/ ١٣٦، وشرح السّيرافي: ٢/ ٦٤ ولم يشرح المؤلف قصّة هذا المثل، قال الأندلسي: وأصل هذا الكلام أنّ رجلًا عمل للحجّاج عملًا استجاده فقال له الحجَّاج أكل هذا حبًا. (المحصّل: ١/ ١٦٧)، ومثله في حاشية المفصّل: ٩٥ والمثبت في كتب الأمثال المتقدّمة ما ملّخصه: أوّل من قال ذلك الغضبان بن القبعثري الشيباني عندما سجنه الحجّاج، ولمّا أمر عبد الملك بن مروان بإطلاق المساجين، أحضره الحجّاج وقال له: إنك لسمين فقال ضيف الأمير سمين، فقال له: أنت القائل لأهل العراق تعشّو الجدي قبل أن يتغداكم؟! قال ما نفعت قائلها، ولا ضرّت من قيلت فيه، فقال أتجني يا غضبان؟ فقال أفرقا خير من حبّ .. )
واختلفت رواية المثل فرواه أبو عبيد كما في فصل المقال: … خير من حبين، وكذلك فعل البكري فىٍ الشرح، وروى القصة عن الزبير بن بكار، ووجدت الزبير يروي في الموفقيّات أخبارًا عن الغضبان ليس من بينها خبر قصة هذا المثل. وفي الفاخر: أو فرق خير لك من الحبّ. أمّا الميداني فقال: .. انفع … بدل خير في عنوان المثل فقط. ورواية المثل مع إيراد قصته مطابقة تمامًا لما ورد في المفصّل. وانظر قصة المثل في شرح العلوي للمفصّل: ١/ ورقة ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>