للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المشرّحُ: هذا النوع مما لا يُستَعملُ إظهارُ فعلِه، فإن سألتَ: كيفَ زَعمتَ أنَّه لا يستعملُ إظهارُ فعلِهِ. ويُقالُ حَمِدتُ الله حمدًا، وشكرتُ الله شُكرًا، وعجبتُ له عَجَبًا؟ أجبتُ: قوله: كيفَ زعمتَ أنَّ هذا النوعَ لا يُستعملُ إظهارُ فعلِهِ، فنقولُ: لأنَّ هذه المصادِرَ قد اشتُهرت بالمعنى الذي استُعملت فيه شُهرةً، لو تكلَّفتَ لها زيادَة مبالغةٍ لاختلَّ المعنى، وأمَّا ما ذكرتَ من الأمثلةِ فهي جائزةٌ، والكلامُ في الجوازِ، وفي استعمالِ العَربِ العاربةِ غيره.

قالَ جارُ الله: "وأفعلُ ذلك وكرامةً وَمَسرَّةً، ونعمُ عَينٍ، ونعمةُ عين، وأنعامَ عين".

قالَ المشرّحُ: نعمُ ونعمةُ عين بالضَّمِّ، كذا السماعُ، وأنعامَ بالفَتحِ، هذه المصادرُ أيضًا لا يُستعملُ إظهارُ فعلِها، لأنَّ المذكورَ من الفعلين قد نابَ عن المقدَّر من حيثُ إنَّ المقدّرَ ليس بأجنَبِيٍّ عن المذكورِ، وإنَّما المقدّرُ هو الإِكرامُ، والمذكورُ مشتملٌ على الإِكرامِ أيضًا. بدليلِ أنَّه امتثالٌ لأمرِه، وجَرْيٌ على موجب طاعته، فإن سألتَ: فَلِم لَم يكن بدون الواو؟ أجبتُ: هو مع الواو أبلغُ بدليلِ أنَّه استؤنِفَ له إثباتٌ على حَدِّهِ بخلافِ ما لم يُستأنف له إثباتٌ على حَدّه، إنما وَقَعَ ذَيلًا من الكلامِ.

قالَ جارُ الله: "ولا أفعلُ ذلك، ولا كيدًا ولا همًّا، ولأفعلنَّ ذلك ورغمًا وهوانًا".

قال المشرّحُ: لا أكادُ أفعله كيدًا، ولا أهمُّ بفعلِه همًّا، هذه المصادِرُ لا يستعملُ إظهارُ فعلِها بعينِ ما ذكرتُه من العلَّةِ في الفصلِ المتقدِّمِ، وهذا لأنَّه إذا صُرِفَ عن الشيءِ نَفسِهِ فالظاهِرُ من حالِه أنَّه لا يَحرُمُ عليه، فكأنَّ للمُظهَرِ دلالة على المُضمَرِ.

قالَ جارُ الله: "ومنه إنما أنت سيرًا سيرًا، وما أنتَ إلّا قتلًا قَتلًا، وإلّا

<<  <  ج: ص:  >  >>