للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمزم؟ فقالَ لا تنزِف ولا تَندَم تَسقِي الحجيجَ الأَعظم، وهو بين الفرثِ والدّم، عندَ الغُراب الأعْظَم، فغدا عبدُ المطلبِ ومعه الحارثُ (١) ابنه ليسَ له يومئذٍ ولدٌ غيرُه فوجَدَ الغُرابَ يَنقُرُ بين (٢) أسافٍ ونائلةَ فحفرَ فيه فلمّا بَدَا له الطَّوِيُّ كَبَّر.

قالَ جارُ اللَّهِ: فصلٌ؛ وقد (٣) يجوزُ حذفُ حرفِ النداءِ عَمَّا لا يوصفُ به أيّ، قال تعالى (٤) {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} -و- {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} (٥) وتقول: يا أيُّها الرجلُ، ويا أيتُها المرأةُ، ومن لا يَزال مُحسِنًا أَحسن إليَّ. ولا يحذفُ عن ما يوصفُ به أيُّ، فلا يقالُ: رجلٌ، ولا هذا".

قالَ المشرّحُ: الأسماءُ التي لا يوصفُ بها أيٌّ العلمُ والمضافُ إضافةً معنويةً، ومَنْ، والذي يوصفُ به أيُّ اسمُ الجنسِ واسمُ الإِشارةِ. إنما جازَ أن يُحذَفَ حرفُ النداءِ عَمَّا لا يوصفُ به أيُّ، لأنَّه لا يُعتَقَبُ على آخره حالة النّداء حكمان، فلو أُجيز حذفُ حرف النّداءِ، فالبحث على أوّل الكلمةِ هل هو نداءٌ (٦)، أو ليس به؟ لا يفوت السامع الحكمَ المعلّقَ بآخرِه بخلافِ اسمِ الجنسِ، فإن سألتَ: كيفَ يجوزْ أن يحذفَ حرفُ النداءِ عن اسمِ الإِشارةِ مع أنَّه لم يتعلّق بآخره حكمان؟ أجبتُ: لأنَّ اسمَ الإِشارةِ متباعدٌ عن مقامِ النّداءِ إذ له بالضميرِ شَبَةٌ (٧)، فيكونُ الغيبة بالداخلة في مسمَّاه وذلك ما في نداهُ، ولأنَّ هذا لا تَقَعُ به الإِشارة للمخاطب إلى غيرِه، فإذا نَاديتَه بالإِشارة إليه فلا بُدَّ من حرفِ النِّداءِ، ليُعلَمَ أنَّك تُشيرُ إليه.


(١) في (ب) ابنه الحارث.
(٢) في (أ).
(٣) في (أ).
(٤) سورة يوسف: آية: ٢٩.
(٥) سورة الأعراف: آية: ١٤٣.
(٦) في (ب) زيد وهو تحريف.
(٧) في (أ) شبهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>