للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ اللَّه: "وقد شَذَّ قولهم: أَصبح لَيل، وافتَدِ مَخنوق، وأَطرقْ كَرا (١)، و:

جارِ لا تَستَنكِرِي عَذِيرِي (٢)

قالَ المشرّحُ: الوجهُ في قولهم: أَصبح لَيلُ أنَّه كان في الأَصلِ بحرفِ النّداءِ، إلا أنَّه لما استَمَرّ على آخره حُكمٌ واحدٌ حُذِفَ منه حرفُ النّداءِ، وكذلك افتدِ مَخنوقُ، وأطرق كَرا. وأما:

جَارِ لا تَستَنكِرِي عَذِيرِي

فإنّما حُذِفَ حرفُ النداءِ منه، لأنَّ الدليلَ يقتَضي أن يجوزَ فيه ذلك قياسًا على سائرِ الأسماءِ التي جازَ فيها الحَذفُ، إلا أنَّ ارتباطَ حكمين مُختلفين بآخرِه يدفعُ عنه ذلك الجَوازَ، وللشاعرِ أن يَعتَمِدَ القياسَ المهجورَ في ضَرورةِ الشِّعرِ على ما ذَكرنا أصبح لَيلُ: كأنَّه استِطالةُ اللَّيلِ، افتدِ مخنوق: أي افتدِ نفسَك. أطرق كرا: فيه شذوذان: حذفُ حرفِ النداءِ منهُ والتّرخيمُ، ويقالُ: هو ذَكرُ الكَرَوَان، وفيه شذوذٌ واحدٌ، وفي (المُستقصى) (٣) إنّ ذَكَرَ الحُبارى يكون طويلَ العنقِ، يريدُ اخفِض عُنُقَكَ للصّيدِ، فإنَّ أكبرَ منك، وأطولَ أعناقًا وهي النّعامُ قد اصطِيدَت، وحُملت من البَدو إلى القُرى،


(١) أطرق كرا: من أمثالهم. انظر جمهرة الأمثال: ١/ ١٩٤، ٣٩٥. والمستقصى في الأمثال: ١/ ٢٢١، ٢٢٢، والزّاهر لابن الأنباري: ٢/ ٣٧٤.
(٢) قائله هو العجّاج: انظر: ديوانه: ٢٢١ وهو مطلع الأرجوزة. وانظر توجيه إعراب البيت وشرحه في المنخّل: ٣٢، والخوارزمي: ١٦ وزين العرب: ١٥، وشرح الأندلسي: ١/ ٢٠٤، وابن يعيش: ٢/ ١٦، والزملكاني: ٢/ ٣٣ وهو من شواهد سيبويه: ١/ ٣٣٠، انظر شرح أبياته لابن السّيرافي: ١/ ٤٦١، وشرحها للكوفي: ١٨٥، وتفسير عيون سيبويه لهارون بن موسى القرطبي: ٣٦، والمقتضب: ٤/ ٢٦٠، والمعاني الكبير لابن قتيبة: ١٢١٦، وضرائر القزاز: ٣٢، والمقرّب ١/ ١٧٧ والتعليقة عليه لابن النحاس: ٦٤ وضرائر ابن عصفور: ١٤٥، والعيني: ٤/ ٢٧٧، والخزانة: ١/ ٢٨٣.
(٣) المستقصى: ١/ ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>