للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مُضمَرِهِ، تقولُ: ضربتُ زيدًا، وزيدًا ضربتُه، والظَّرفُ وإن كان يَتَعَدى الفعلُ إلى مُظهَرِهِ، فلا يَتَعَدَّى إلى مضمَرِه، تقولُ: ضربتُ يومَ الجمعةِ، ولا تقولُ: يومَ الجمعةِ ضربتُه، فإذا أُضيفَ إلى المفعولِ فيهِ أو تَعَدّى الفعلُ إلى مُضمَرِهِ فقد تَمَّ كونُه مفعولًا به، وَخَرَجَ عن الظَّرفِيَّةِ فمن قبيلِ الأولِ قوله تعالى (١): {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ}. و:

* يا سارِقَ اللَّيلَة أهلَ الدَّارِ *

ومن قبيلِ الثَّاني قَولُهُ:

* ويومٌ شَهِدناه سُليمًا وعَامِرًا *

فإن سألتَ: هل بينَ الظرفِ متَّسَعًا فيه، وبينَه غيرَ مُتَّسَعٍ فيه (٢) فرقٌ من حيثُ المعنى؟ أجبتُ (٣): لا فرقَ فيه بينَ الحالين نَصَّ عليه الشَّيخُ أبو عليٍّ في كتابه الموسوم "بِحُجَّةِ القِراءة" (٤). تَمَامُ البيتِ:


(١) سورة سبأ: آية: ٣٣.
(٢) في (أ).
(٣) نقل العلوي في شرحه: ١/ ١٤٠ شرح هذا الموضع، وعقب عليه بقوله: وهذا فاسد لأمرين: أمَّا أولًا: فلأنَّ ما قالاه [الخوارزمي وأبو علي الفارسي] يرد فائدة المجازات الوسيعة، والاستعارات الرشيقة، ويعزل البلاغة عن سلطانها، ويدفع حصلها، ويذهب علق برهانها. وأمَّا ثانيًا: فلأن ضرورة اللّفظ قاضية بالتفرقة بينهما فإنه لا بد من فرق بين عدم الحرف ووجوده في مثل قولك: اليوم سرته وسرت فيه، فكيف يقال بأنّهما شيئان في إفادة المعنى؟!
والعجب من الخوارزمي حيث قبل هذه المقالة عن الفارسي، وأصغى سمعه إليها، وهو بزعم أنّ له في علم البيان اليد البيضاء …
قال: ومما يؤيد التفرقة بينهما ويؤكدها ما قاله المحققون من أهل الكوفة حيث قالوا: ما كان من المعاني مستوعبًا لظرفه حسن فيه الرفع، ومما كان غير مستوعب حسن فيه النصب، فعلى هذا تقول: الصيام اليوم والاعكتاف اليوم بالرفع لما كان مستوعبًا، وتقول: الأكل اليوم، والشرب اليوم بالنصب لما كان واقعًا في بعضه، وعلى هذا إذا قلت: اليوم سرته كان السير كأنه واقع في كله على جهة المبالغة فيه.
(٤) الحجة في القراءات لأبي علي الفارسي. طبع الجزء الأول منه بتحقيق علي النجدي ناصف وزميليه سنة ١٩٦٥ ثم وقف إخراج الكتاب. وتعمل الآن دار المأمون للتراث على إخراجه كاملًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>