للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المشرّح: قوله: - أن لا تكتَرِثَ للصِّفةِ وتحمِلَه على البَدَلِ، له معنيان أحدُهما: - أنَّك تَجْعَلُ تأخيرَ المُستثنى عن الموصوفِ (١) كتأخيرِه عن الصِّفةِ وهذا لأنَّ الموصوفَ والصِّفَةَ بمنزلةِ شيءٍ واحدٍ، فإذا تأّخَّرت عن المَوصوفِ، فكَأَنَّه تأخرَ عن الصِّفَةِ. الثاني: أن تَجعل الصِّفَةِ كالعَدَمِ، لأنَّ المقصودَ هو الموصوفُ.

قال جار الله: والثَّاني (٢): أن يُنَزَّلَ تقديمُه على الصِّفةِ منزلةَ تَقديمِهِ على المَوصوفِ فتَنْصِبُهُ.

قالَ المُشَرِّحُ: يريدُ أنَّ الاستثناءَ لما تَقَدّمَ الصِّفةَ، فكأنَّه تَقَدّمَ الموصوفَ، لأنَّهما بمنزلةِ شيءِ واحدٍ، والاختيارُ في هذه المسألةِ اختيارُ سِيبَويهِ، لأنَّه لا يَجعلُ الموصوفَ تابعًا للصِّفةِ.

قالَ جارُ اللهِ: وذلك قولُك: ما أَتاني أحدٌ إلَّا أَبوكَ خيرٌ من زَيدٍ، وما مررتُ بأحدٍ إلَّا عَمرو خيرٌ من زَيدٍ، وتقولُ: إلَّا أَباك وإلَّا عَمرًا.

قال المشرّحُ: الصورتان المتقدّمتان هما اللَّتان فيهما المُستثنى [مرفوعٌ ومجرورٌ نظيرَ الوجهِ الأوَّلِ، والصُّورتان المُتأخِرتان هما اللَّتان فيهما المُستثنى] (٣) منصوبٌ نَظيرَ الوَجهِ الثَّاني.

قالَ جارُ اللهِ: فَصلٌ، وتقولُ في تَثْنِيَةِ المُستثنى: ما أَتاني إلَّا زيدٌ، وإلَّا عَمرًا وإلَّا زيدًا وإلَّا عمرٌو، ترفعُ الذي أَسندتَ إليه، وتَنْصِبُ الآخرَ، وليس لَكَ أن تَرْفَعَهُ، لأنَّك لا تقولُ: تَركوني إلَّا عمرٌو.

قالَ المشرّح: المبرِّدُ يُسمّي هذا البابَ في كتابِهِ الموسوم بـ (المُقْتَضَب) (٤) تكريرَ الاستثناءِ بغيرِ عَطْفٍ. إذا قلتَ: ما أَتاني إلَّا


(١) في (أ) المنصوب.
(٢) في (ب).
(٣) في (ب).
(٤) المقتضب: ٤/ ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>