للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتاني إلَّا عَمرًا أحَدٌ إلَّا بِشرٌ فقدّمتُ مُستَثنى (١)، وأبدَلتُ مُستَثنىً (٢)، فإذا قَدَّمتُ هذا البَدَلَ (٣) إلى الذي هو مُستَثنى على المستثنى منه فقد عَلِمتَ أيضًا أنَّه لا يكونُ في هذا المُستَثنى سِوى النَّصبِ فتَنصِبُ المُستَثنيان ضَرورةً.

قال جارُ اللهِ: فصلٌ؛ وإذا قُلتَ: ما مَرَرتُ بأحدٍ إلَّا زيدٌ خيرٌ منه كانَ ما بعدَ إلَّا جملةً إبتدائيةً، واقعةً صِفةً لأحدٍ، وإلَّا لَغوٌ في اللَّفظِ مُعطِيةٌ في المعنى فائِدَتَها جاعلةً زيدًا خَيرًا من جَميعِ من مررتَ به.

قالَ المشرّح: إذا قُلتَ: ما مررتُ بأحدٍ إلَّا زيدٌ خيرٌ منه فما بعدَ إلَّا جملةٌ ابتدائيةٌ في محلِّ الجَرِّ، [على أنَّها صِفةٌ] (٤) للمجرورِ قَبْلَ، "إلَّا". فإن سألتَ: لِمَ لا يجوزُ أن تَكُونَ الجُمْلَةُ الابتدائِيَّةُ بعد "إلَّا" إما مجرورةً على البَدَلِ من المُستثنى، وإمَّا مَنصوبةً على الاستِثناءِ وهذا لأنَّ الأصلَ في الاستثناءِ أنَّ المُستَثنى من جِنسِ المُستثَنى منه، فيكونُ تقديرُ الكلام: ما مررتُ بأحدٍ إلَّا أحَداً زيدٌ خيرٌ منه، فيكونُ أحدٌ المُستَثنى إمَّا مَجْرُورًا على البَدَلِ من أحدٍ المُستثنى مِنه، وهو أحدُ قِسمي الترديد، وإمَّا [المنصوبُ على الاستثناءِ وهو الثاني من قِسمي الترديد] (٥)؟ أجبتُ: لو كان الأمرُ كما ذكرتَ لجازَ فيه الوَصْفُ بغيرِ، كما لو كان أحدٌ في جانب المُستثنى مُظهَرًا، وهذا لأنَّ كلَّ موضِعٍ جازَ فيه الاستثناءُ بإلَّا وإعمالها جَازَ فيه الاستثناءُ بغيرِ إلَّا.

قالَ جارُ (٦) اللهِ: "فصلٌ؛ وقد أوقِعَ الفِعلُ موقِعَ الإِسمِ المُستَثنى في قولهم: نَشدتُك اللهَ إلَّا فَعلَت، والمعنى ما أطلُبُ منك إلَّا فِعْلَكَ".


(١) في (أ) المستثنى.
(٢) في (ب).
(٣) في (أ) الكلام.
(٤) في (ب) لأنها على صفة.
(٥) في (ب).
(٦) في (ب) فصل قال رحمه الله:

<<  <  ج: ص:  >  >>