للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحِجَازِ، أمَّا على لغةِ بني تَميمٍ فلا يكونُ لأنَّهما عِندَهُم باقيان على ما كانا عليه من الابتداءِ، وخَبَرُ المُبتدأ لا تدخُلُ عليه هذه الباءُ، فإن سألتَ: ما الدليلُ على أنَّ هذه الباءَ لا تدخُلُ على خبرِ المبتدأ؟ وهَب أنَّها لا تَدخُلُ عليه، والمُبتدأُ والخَبَرُ في مقامِ الإِثباتِ، فَلِم لا تَدخُلُ عليه وهما في مقامِ النَّفيِ؟

أجبتُ: لأنَّ هذه الباءَ لا تَدخلُ إلَّا في مقامِ النَّصبِ، والمقامُ ها هُنا مقامُ الرَّفعِ، ولذلك قالَ ابنُ السَّرَّاج: لا تقولُ ما بقائِمٍ زيدٌ.

قالَ جارُ اللهِ: "فصلٌ؛: ولا التي يَكْسَعُونَها بالتاءِ هي المُشَبّهةُ بليسَ بعينها، ولكنَّهم أَبوا إلَّا أن يكونَ المنصوبُ بهَا حِينًا، قال الله تعالى (١): {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} أي ليس الحينُ حينَ مناصٍ.

قالَ المُشَرِّحُ: يَكْسَعُونَها بالتاءِ: أي يَدفعُونَها، كسَعَهُ إذا ضَرَبَهُ على عَجُزُهُ، وَوَرَدَت الخَيلُ (٢) يَكْسَعُ بعضُها بَعضًا، ومنه اتَّبعَ فلانٌ أدبارَهم يكسَعُهُم بالسَّيفِ مثلُ يكسَؤُهُم أي يَطرُدُهُم قالَ (٣):

كَسَعَ الشِّتاء بِسَبعَةٍ غُبرِ

وإنَّما أُردفَت بالتَّاءِ ليصيرَ لها بليسَ شبهٌ صورةً كما لها بها شَبَهٌ معنًى، فيحسنُ فيها إضمارُ اسمِها (٤)، إذ إضمارُ الاسمِ لا يكونُ في الحروفِ، إنما يكونُ في الأفعالِ. قال سيبويه (٥): ونظيرُ لاتَ في أنَّه لا يكونُ إلا مُضمَرًا


(١) سورة ص: آية: ٣.
(٢) في (ب) الخيول.
(٣) هو أبو شبل الأعرابي والبيت من مقطوعة له، وهي: [اللسان/ كسع]
كسع الشتاء بسبعة غُبُر … أيّام شهلتنا من الشّهر
فإذا انقضت أيّام شهلتنا … صنّ وصنّبر مع الوبر
وبآمر وأخيه مؤتمر … ومعلل وبمطفى الجمر
ذهب الشتاء موليًا هربًا … وأتتك وافدة من النجر
(٤) في (أ) لا بينهما.
(٥) الكتاب: =

<<  <  ج: ص:  >  >>