للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا غُلامٌ زيدٌ لم يجر ولم يُفد أصلًا فَضلًا من أن يَتَقَرَّر فيهِ معنى الإِضافةِ.

قالَ جارُ اللهِ: ولا يُفيدُ إلا تَخفِيفًا في اللَّفظِ والمعنى كما هو قَبلَ الإِضافةِ، ولاستواءِ الحالين وَصَفَ النّكرةَ بهذه الصّفةِ مضافةً كما وَصَفَ بها مفصُولةً في قولِكَ: مررتُ برجُلٍ حَسَنِ الوجهِ، وبرجلٍ ضاربِ أخيه.

قالَ المُشَرّحُ: هذه الإِضافة اللَّفظِيّة تفيدُ تَخفيفًا في اللَّفظِ، ألا ترى أنّك إذا قُلتَ: زَيدٌ ضاربٌ الغُلامَ، فضاربٌ فيه التَّنوين، والتَّنوين نونٌ، فإذا قُلتَ: زيدٌ ضاربُ الغُلام فقد سَقَطَتْ بالإِضافةِ هذه النُّون، وذلك تخفيفٌ، ثم إفادَتُها للتَّخفِيفِ بالإِضافة ليست بضربةِ لازبٍ، ألا تَرى أنَّه جازَ مررتُ بالضَّارِبِ الرَّجُلَ بالنَّصبِ، كما جازَ بالضَّاربِ الرَّجَلِ بالجَرِّ.

قال جارُ الله: "فصلٌ؛ وقَضِيَّةُ الإِضافةِ المعنويّةِ أن يُجَرّدَ لها المضافُ من التَّعريفِ.

قال المشرّح: إدخالُ اللَّامِ على المضافِ إضافةً معنويةً لا يجوزُ، وهذا لأنَّ تَعريفَ المُضافِ في بابِ الإِضافةِ يُطلَبُ من المضافِ إليه، ألا تَرَى أنّ المضافَ إليه سِيقَ إلى المضافِ لهذا المعنى، وإذا كانَ مَجِيءُ (١) المضافِ إليهِ لتعريفِ المُضافِ فممتَنِعٌ أن يُطلَبَ من غَيره تَعريفُهُ، مِثالُه: ما إذا أَحضرتَ طَبِيبًا لِعلاجِ مَريضٍ فَقبيحٌ في حُضُورِهِ طَلَبُ العِلاجِ من غَيرِه.

قالَ جارُ اللهِ: "وما تَقَبّلهُ الكوفيُّون من قولهم: الثَّلاثةُ الأبوابِ والخَمسةُ الدَّراهمِ فبمعزِلٍ عندَ أصحابِنا عن القياسِ واستعمالِ الفُصَحَاءِ. قال الفَرزدقُ:

فَسَمَا فَأَدْرَكَ خَمْسَةَ الأشْبَارِ

وقال ذُو الرُّمَّةِ:


(١) في (ب) سيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>