للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثُ الأَثَافِي والرُّسُومُ البَلَاقِعُ

قالَ المُشَرِّحُ: إدخالُ اللَّام على المُضَافِ إضافةً مَعنَوِيّةً لا يَجُوزُ، عَدَدًا كان أو غير عَدَدٍ، كما ذكرناه من المعنى، وفيما افتَخَرَ به البَصريُّون على الكُوفِيّين نحنُ أَخذنا اللُّغةَ عن حَرَشَةِ الضِّباب، وأكَلَةِ اليَرَابِيعِ وأنتم أخذتُمُوها من أكلةِ الشَّواذي، وباعةِ الكَوامِيخ، فإن سألتَ: أيُّ احتجاجٍ فيما أَنشَدَ من البَيتين؟ وهذا لأنَّ الكوفيين يُجيزُون تجريدَ المضافِ عن اللَّامِ في فصلِ العَدَدِ كما في غيرِه. أجبتُ: لأنَّ المقامَ مقامُ تعريفٍ باللّام، وأنَّه لم يُعرَّف المضافُ باللّام، فَدَلَّ على أنَّ المضافَ في فصل العَدَدِ بدون اللَّام، والذي يَدُلّ على أنَّ المَقَامَ مقامُ تعريفٍ باللّامِ أنَّ المعنَى فسما فأدرَكَ القَبرَ (١) الذي هو خمسةُ أشبارٍ (٢). وكذلك المعنى في قوله: ثلاثُ الأثافِي، الثَّلاثُ من الأَثافي. وأنا لا أستَبعِدُ ما عليه الكُوفيُّون، وذلك أنَّ هذه الأعدادَ تَنَزَّلُ تنزيلَ المعدُودِ، وهذا القَدرُ من العَدَدِ والمعدُودِ إذا أُضيفَ جازَ إدخالُ اللَّام عليه، والذي ذَكَرهُ البَصرِيُّون قياسٌ، ومذهبُ الكوفيّين استحسانٌ والطَّبعُ يَنزِعُ إليه، فوجبَ أن يجوزَ (٣).


(١) هذا المعنى الذي ذهب إليه المؤلف لم أجد أحدًا قال به ولا ذهب إليه. أمّا الذي قالوه في ذلك فهو: أراد طول خمسة أشبار بشبر الرّجال وهي ثلثا قامة الرجل، وينسب اليها فيقال: غلام خماسي. قال ابن دريد: غلام خماسي قد أيفع، في "الصحاح" "والعباب" وغلام رباعي وخماسي، أي: طوله أربعة أشبار وخمسة أشبار، ولا يقال: سداسي، ولا سباعي، لأنه إذا بلغ ستة أشبار أو سبعة أشبار صار رجلًا. انظر الحلل: ١٧٥ والخزانة: ١/ ١٠٣ .. وغيرهما وبمثل ذلك فسّر الأعلم الشنتمري، وردّ عليه ابن هشام اللّخمي قائلًا: والصحيح أنه أراد بخمسة الأشبار السّيف، ويشهد له قوله بعد ذلك:
يدني خوافق من خوافق تلتقي … في ظل معترك العجاج مثار
(٢) انظر: الفصول والجمل: ٣٨.
(٣) ردّ الزّملكاني في شرح المفصّل: ٢/ ١٤٣: بعد أن عرض لرأي الكوفيين: وهو رديء من وجهين: أحدهما: مخالفة القياس الذي قدمناه من أنه مفض إلى تحصيل الحاصل. والثّاني: أنه خارج عن استعمال الفصحاء، ووجهه مع شذوذه أنه لذات واحدة في المعنى، والأول جيء به لغرض العدد، فلما فهموا اتحاد الذات عرّفوا الأول، لأنه محل التعريف، ولم يخلُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>