للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبَلَاقِعُ: جَمعُ بلقَعٍ وهو الخَرابُ، يقولُ إنَّ الأثافي ورسومَ الدّيارِ بعدَ خَرابِها لا تَرُدُّ جوابَ سَلام، ولا تُوضِحُ عن خَبَرٍ إذا استُخبِرَتْ، وهَذا معنى قَولِه أو يَكشِفُ العَمى.

قالَ جارُ اللهِ: "وتقولُ في اللَّفظيَّةِ مررتُ بزيدٍ الحَسَنِ الوَجهِ وبهندٍ الجائلةِ الوِشاحِ، وهما الضَّاربا زيدٍ، وهمو الضَّارِبُو زيدٍ، قال الله تعالى (١): {وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ}.

قالَ المُشَرِّحُ: الإِضافةُ إذا كانت لَفظِيَّةً جازَ إدخالُ اللّام على المُضافِ لأنَّه وَقَعَ اليأسُ عن تَعريفِ المُضافِ بالمُضافِ إليه.

قالَ جارُ اللهِ: "ولا تَقولُ الضَّاربُ زَيدٍ لأنَّك لا تُفيدُ فيه خِفَّةَ الإِضافةِ كما أفدتَهَا بالمُثنَّى والمَجمُوع، وقد أجازَه الفَرَّاء، وأمَّا الضَّاربُ الرَّجُل فمشبَّةٌ بالحَسَنِ الوَجهِ".

قال المشرّح: إنَّما لم يَجُز نَحوَ الضَّاربِ زَيدٍ لأنَّه لم يَقع اليأسُ عن تَعريفِ المُضافِ بالمضافِ إليه، لاحتِمَالِ أن يكونَ المُضَافُ إليه نَكِرةً، وهذا لأنَّ الأعلامَ تَحتملُ التَّنكيرُ بخلافِ المُضمَرِ والمُعرَّفِ باللَّامِ فإنَّه لا يَحتَمِلُ البَتَّةَ التَّنكيرَ فإن سَألتَ: فَفي قَولِكَ: الضَّاربا زَيدٍ، لَمَ يَقع اليأسُ عن تَعريفِ المُضافِ بالمضافِ إليه؟

أَجبتُ: بَلَى وقَعَ لِوقُوعِهِ في الإِفرادِ، والتَّثنِيَةٌ فرعٌ على الإِفرادِ فَلَو امتحِنتِ الإِضافَة في التّثنية لكانَ حالُها فيها كحالِها في الإِفرادِ.

رأى الأمر يفضي إلى آخر … فصيَّر آخره أوّلا (٢)

فإن سألت: فكيف لم يجز الضاربا رجل كما جاز الضاربا زَيدٍ؟ أَجبتُ


(١) سورة الحج: آية: ٣٥.
(٢) البيت في العقد الفريد: ٢/ ٢٥٣، والخصائص لابن جني: ١/ ٢٠٩، ٢/ ٣١، ١٧٠، ونتائج الفكر في النحو للسُّهيلي: ٩٨، والأشباه والنظائر في النحو للسُّيوطي: ١/ ٢٧٧. وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>