للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّه إذا توكَّد بالمضمرَ فَقد تَوكَّد مرَّةً ثانيةً بالمظهَرِ بل الذي يُؤكَّدُ بالمظهَرِ هو التَّأكيدُ دونَ المُؤَكَّدِ، ولا معنى لَتأكِيدِهِ بالمظهَرِ بعدَ المُضمَرِ سِوى أن يكونَ المُظهَرُ تَأْكيدًا للتَّأكيدِ. الحرفُ فيه أنَّ التَّأكيدَ ها هنا هو بِمَنْزِلَةِ إعادةِ (١) آخرِ الفِعلِ، وإعادَةُ آخرِ الكَلِمَةِ جائِزٌ. ألا تَرى أنَّهَ يُعادُ في الوَقَفِ حتَّى يَجريَ فيه التَّشدِيدُ بخلافِ تَعْلِيقِ حُكْمِ الكَلِمَةِ على جُزءِ الكَلِمَةِ فإنَّه لا يَجُوزُ. وأمَّا المَنصوبُ والمَجرورُ فيُؤكَّدان من غَيرِ شَريطةٍ لأنَّ المَنصوب لم يعانِقِ الفِعلَ تلكَ المُطابقة (٢)، وكذلك المَجرورُ، لأنَّه مَفعولٌ، إلَّا أنَّه غيرُ صَحيحٍ، فيكونُ (٣) حُكمُه حُكمَ الأوَّل ولأنَّ النَّفسَ والعينَ غيرُ مُخْتَصَّتَينِ بالتَّأكيدِ فعسى أن (٤) يُتَوَهَّمَ أنَّهما فاعِلٌ، فإن سأَلتَ فما تَقُولُ في القومِ خَرجُوا هم أَنفُسهم وأعيانُهم لأنَّ ذلك التّوهُّم مرتفعٌ والتَّأكيدُ مع ذلك في (٥) المُظهَرِ لا يَجوزُ؟ أجبتُ: الواضِعُ قد أَجراه مُجرى ما فيه ذلك التَّوهُّم، ولذلك لا يَجُوزُ العَطفُ على الضَّميرِ (٦) المَرْفُوعِ وان كان بارِزًا. فإن سألتَ: فما بالُهم قد أَجازوا تَأْكِيدَ المُتَّصِلِ المَجْرورِ ولم يُجيزوا العَطفَ عَليه (٧)؟ أَجبتُ لأنَّ المُضافَ إليه غير مَقصودٍ بالذِّكرِ بِدَلِيلِ أنَّ الضَّميرَ اللَّاحِقَ ينصرفُ إلى المضافِ دونَ المُضافِ إليه، وكونُهُ غيرَ مَقصودٍ بالذِّكرِ يُنافي العَطفَ ضَرورةَ أنَّ العَطفَ يَقْتَضِي كونَ المَعطوفِ عليه مَقصودًا بِخلافِ التَّأكيدِ فإنَّه لا يَجُوزُ (٨) فيه كونُ المَؤكَّدِ غيرَ مَقْصودٍ ألَا تَرى أنَّه وُضِعَ لإِعادةِ غَيرِ المَقصودِ مَقصودًا.


(١) في (أ).
(٢) في ب).
(٣) في (ب) فيجري.
(٤) في (أ).
(٥) في (ب) بالمظهر.
(٦) في (ب) على هذا المضمر …
(٧) من (أ).
(٨) في (ب) لا يقتضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>