للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ الله: "فصلٌ، والنَّفسُ والعَينُ مختصَّان بهذه التَّفضِلةِ بينَ الضَّميرِ المَرفوعِ وصاحِبَيه وفيما (١) سِواهما، لا فَضْلَ في الجَواز بينَ ثلاثَتِها تقولُ: الكتابُ قُرِئَ كلُّه، وجاؤوني كلُّهُم، وخرجُوا أجمعونَ".

قالَ المُشَرِّحُ: النَّفسُ والعَينُ إنَّما اختصَّا بهذه التَّفضِلَةِ وذلك أنَّ التَّنبّه لِلمؤكّدِ مع العينِ والنَّفسِ دون التَّنَبُّهُ له مع كلٍّ وأَجمعين (٢)، ألا تَرى أنَّ النَّفسَ والعَينَ غيرُ مُخْتَصّين بالتَّأكيدِ بدَلِيلِ أنَّك تقولُ: طابت نَفْسُه ورَمدَت عينُه فيكونُ من التَّأكِيدِ بمعزل. فَعَسَى لا يُطلَبُ معها (٣) المُؤكَّدُ، بخلافِ كلٍّ وأجمعين، فإنَّهما به مُختصَّان، والتَّنبيهُ للشَّيءِ الَّذي لا يُؤْبَهُ له مع الطَّلبِ أكثرُ منه، لا مع الطَّلبِ.

قالَ جارُ اللهِ: "فصلٌ، ومتَى أَكَّدت بكلٍّ وأَجمع غيرَ جَمعٍ فلا مَذْهَب لِصِحَّتِهِ حتَّى تَقصِدَ أجزَاءه (٤) كقولِكَ: قرأتُ الكتابَ وسِرتُ النَّهارَ كُلَّه وأَجمعَ وَتَبَحَّرتُ الأرضَ، وسِرتُ اللَّيلةَ كلَّها وجَمعاء".

قالَ المُشَرِّحُ: مَحصولُ هذا الفصلِ أنَّ "كلًّا" و"أَجْمَعَ" موضوعان لتَأْكِيدِ الجُموعِ، [فمتى أكَّدتَ بهما غيرَهما لمِ يَجزْ حتَّى تَقْصِدَ أجزَاءه (٤)، فيحصُلَ تأكِيدُ الجَمْعِ، فمعنى تَبَحَّرتُ الأرض تَوَسَّعتُ فيها وَتَعَمَّقتُ. والأرضَ ها هنا ظَرفٌ متَّسَعٌ فيه ونَحوه: نَدَبَ الضَّرا، ويَمشي الخُمُر، وَعَسَلَ الطَّريقَ الثَّعلبُ] (٥).

قالَ جارُ الله: "فَصلٌ؛ ولا تقعُ "كلٌّ" و"أجمعون" تَأكيدَين للنَّكراتِ، لا تقولُ: رأيتُ قومًا كلَّهم، ولا أجمعين، وقد أجازَ ذلك


(١) في (ب) وما سواهما.
(٢) في (ب) وأجمع.
(٣) في (ب).
(٤) في (أ) أجراه.
(٥) ما بين القوسين مصحح على هامش (ب) ولم يظهر في التصوير.

<<  <  ج: ص:  >  >>