للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكوفيُّونَ فيما كانَ مَحدودًا كَقَولِهِ (١):

* قد صرَّتِ البَكرةُ يَومًا أَجْمَعا" *

قالَ المُشَرِّحُ: تَأكيدُ النَّكراتِ لا يجوزُ، وذلك أنَّ تأكيدَ النَّكرةِ يَشتمِلُ على ضربٍ من التَّناقُضِ فلا يجوزُ، بيانُه: أنَّ الغَرَضَ من التَّأكيدِ بَيانُ أنَّ إسنادَ الفِعلِ إلى تِلْكَ البُقْعَةِ التى استَبعد المخاطبُ استنادَه إليها واقعٌ، وفي ذلك تَصْريحٌ من المُتَكَلِّم بأنَّ ذلك المُؤَكَّدَ مَعْهُودٌ للمُخاطبِ، وتَنكيرُه تَصريحٌ منه بأنَّه غيرُ مَعهودٍ، وذلك ضَربٌ من التَّناقُضِ.

والكوفيُّون يُجيزون تأكيدَ النَّكراتِ (٢) إذا كانت مَحدودةً نحو: أَكلتُ رَغِيفًا كُلَّه وكقولِهِ:

* قَد صرَّتِ البكرةُ يَومًا أَجْمَعا *

ولَعلَّه في المَذهب البَصريِّ على الصِّفَةِ، وبينَ كلٍّ وأجمعين فرقٌ، وذلك أنَّه يَسوغُ لك (٣) أَن تَجيء بكلٍّ غيرَ تَأْكيدٍ فتقولَ: جاءَني كلُّهم ورأيتُ كلَّهم ومررت بكلِّهم، ولا يَسوغُ ذلك في أَجمعين فيقالُ مررتُ بأجمعين. اشتقاق (كُلٍّ) من تَكِلَّةِ النَّسَبِ إذا أَحَاطَ به، ومنهُ الكَلَالَةُ لإِحاطَتِها بالوَلَدِ. والكلَّةُ سِترٌ يُخاطُ كالبيتِ، وهذا كلٌّ على مَولاهُ: أَي ثَقِيلٌ عَلَيه، لإِحاطَةِ


(١) البيت مجهول القائل، انظر إثبات المحصل: ورقة: ٣٣، والمنخّل: ورقة ٧٧، وشرح الخوارزمي: ورقة: ٤٦، وزين العرب ورقة: ٢٨، وابن يعيش: ٣/ ٤٥ وشرح الكافية للرضي: ١/ ٣٠٢، وخزانة الأدب: ٢/ ٣٥٧، والإِنصاف: ١/ ٤٥٥، والهمع: ٢/ ١٢٢، وشرح الكافية لابن القواس: ورقة: ٨٤. وأورد ابن المستوفى قبله:
إنا إذا خطّافنا تقعقعا
وانظر تخريج ابن جني له في شرح الحماسة: ورقة ١٣٤، ورد ابن المستوفى والبغدادي عليه في كتابيهما.
(٢) انظر الخلاف في المسألة في الإِنصاف: ٤٥٩ وائتلاف النّصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة لليمني الزبيدي، المسألة الثامنة والأربعون في قسم الأسماء. ورقة ٢٠/ ب.
(٣) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>