للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن سألتَ: لم لا يَجوزُ أن يكونَ "الرَّجُلُ" في قولِكَ: "أبصِرْ ذلك الرَّجلَ" عَطفَ بيانٍ لا صِفَةً؟ أجبتُ: لأنَّ (١) عَطفَ البَيانِ هو: ذكرُ الشَّيءِ بأَشهرِ اسمَيه وأعرفهما، والمُبهَمُ أعرفُ من المُعَرَّفِ باللَّامِ فلا يصحُّ كَونُه عَطفَ بَيانٍ للمُبْهَمِ، وهكذا تَقول في قَوله: يأيّها الرَّجلُ. فإن الصِّفةَ (٢) صِفةُ "أيٍّ" وليس عَطفَ بيانٍ لأنَّ أيًّا بمنزلةِ اسمِ الإِشارةِ، بدليلِ أنَّهم قد أَجرَوه مُجراه، فكذلك جَمَعوا بَينَهما في حكمٍ، فقالوا المنادَى المُبْهَمُ شَيئانِ: أيّ، واسمُ الإِشارةِ فيكون معنى قولِكَ: أَبصِر ذلك الرَّجلَ، أَبصِر ذلكَ المُسمَّى بهذا الاسم، ويأيُّها الرَّجلُ، يأيُّها المُسمّى بهذا الاسمِ، وَوَقَعَ الجنسُ غيرُ الجاري ها هُنا صِفَةً كما وَرَد على خِلافِ القياسِ، وكذلك وقوعُ "ذا الجُمَّةِ" في قولهم: يا هذا ذا الجُمّةِ، بَدلًا عن اسم الإِشارة، وَرَدَ على خِلافِهِ أيضًا.

قالَ جارُ اللهِ: "فصلٌ، ومن حَقِّ المَوصوفِ أن يكونَ أخصَّ من الصِّفةِ، أو مساويًا لها، ولذلك امتنعَ وَصْفُ المُعرّفِ باللَّام بالمبهم، وبالمُضافِ إلى ما لَيس مُعَرَّفًا باللَّام لكونِهِما أَخَصَّ منه".

قال المشرّحُ: اعلم أنَّ أوهامَ النَّاسِ تَذهبُ فيه إلى أنَّ هذا عامٌّ في كلِّ صِفةٍ وَمَوصوفٍ، ويعتَبرونه بنحوِ: رجلٌ طَويلٌ وقَصيرٌ، قائلين بأنَّ رَجلًا (٣) مَوصوفٌ و "طويلٌ" و"قصيرٌ" صفته، فَتَرَى كيفَ وَقَعَ المَوصوفُ أَخَصَّ من الصِّفةِ. فإذا قِيلَ لَهم: فما قَولُكُم في شيءٍ طَويلٍ وقصيرٍ؟ تحيَّروا، ووقَعوا منه في مُظلِمةٍ عَمياءَ، والنَّحويون (٤) لا يُريدون ذلك إنَّما


(١) في (أ) لا …
(٢) في (أ) فإن الرّجل.
(٣) في (أ) رجل.
(٤) من هنا إلى آخر شرح هذه الفقرة نقله الأندلسي في المحصّل: ٢/ ٣، ٤ وهذا النص من =

<<  <  ج: ص:  >  >>