للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُريدون المَعارفَ الخَمسةَ وهي المُضمرُ، والعَلمُ والمُبهمُ والمُعرَّفُ باللَّامِ، والمضافُ إلى أَحدِهِما إضافةً معنويّةً متى قُصِدَ وَصفُ بَعضِهَا بِبَعضٍ، فَإنَّه يَجِبُ أَن يَكونَ المَوصوفُ أَخَصَّ من الصِّفةِ، أو مساويًا لها. مثالُ ذلك أنَّك تَقولُ: جاءَني زَيدٌ الظَّريفُ، وذلك الفاضلُ فتَصِفُ العلمَ واسمَ الإِشارةِ بالمُعَرَّفِ باللَّامِ، ولا تَنْعَكِسُ هذه القَضِيَّةُ فيقالُ: الظَّريفُ زَيدٌ جاءَني، والعالِمُ ذلك أَكرمني، ليكونَ "الظَّريفُ" موصوفًا و"زَيدٌ" صِفَتُه، وكذلك "العالِمُ" مَوصوفٌ و"ذلك" صِفتُه، لأنَّ الموصوفَ ها هنا أعمُّ من الصِّفَةِ فلا يَجوزُ. وهذا لأنَّ حَقَّ الكلامِ أن يُجْعَلَ الأخَصُّ هو الذي يُبْتَدَأُ به، فإن اكتَفَى به المُخاطَبُ لم يَحْتَجْ إلى أن أن يأتيَ بنَعثٍ، وإن احتاجَ إلى زيادةٍ ولم يكتَفِ فحينئذٍ يزيدُ، وإن كانا مُتساوِيَينِ في الاختِصاصِ جازَ أن يكونَ أحدهُما نَعتًا للآخرِ. هذا محصولُ كَلامِ السِّيرافي. ونَزيدُ هنا بَيانًا فَنَقُولُ: العَلَمُ يُوصَفُ بثلاثةٍ، بالمُعَرَّفِ باللَّامِ، وبالمُبهمِ، وبالمُضافِ إلى المعرفةِ، والعَلمُ أخَصُّ من هذه الأشياءِ، لأنَّه في أوَّلِ أحوالِهِ وُضِعَ لِشَخصٍ مُعَيَّنٍ من بينِ سائِرِ الأشخاصِ بخلافِ المُعَرَّفِ باللَّامِ، وكذلك المُبهم، فإنه (١) لم يُوضَع لشيءٍ بِعينِهِ، ألا تَرَى أنَّ الإِشارةَ لا تَخْتَصُّ بزيدٍ دونَ عَمرو، وأمَّا المُضافُ إلى المَعرفةِ فنقصان رُتبتِهِ من رُتبَةِ العلمَ ظاهِرٌ، وذلكَ أنَّ تَعريفَه بغيرِهِ وهو المُضافُ إليه، بخلافِ العلَمِ فإنَّه لا يَتَعَرَّفَ بغيرِه، بل تَعريفِه (٢) لذاتِهِ، [وما كانَ تَعريفُه لذاتِهِ كان] (٣) أَقْوَى تَعريفًا (٤) مما تعريفُهُ بغيرِهِ. وأمَّا المُضافُ فلا يخلو من أن تكونَ إضافتُه إلى المُضمَرِ فتظهرُ


= أطول النصوص التي نقلها عن الخوارزمي، ولم يعقب عليه بشيء، بل قدّم له في بضعة أسطر، ثم أورده كاملًا، واكتفى بإيراده عن الشرح.
(١) في (ب) فقط ساقطة من نصّ الأندلسي.
(٢) في (ب) تعرفه.
(٣) في (أ) فقط.
(٤) في (ب) تعرفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>